وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ جِدَادِهَا حَتَّى تَلَفَتْ فَنَنْظُرُ فِي سَبَبِ تَلَفِهَا فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنَ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ:
إِمَّا بِجَائِحَةِ سَمَاءٍ، أَوْ جِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ جِنَايَةِ الْبَائِعِ.
فَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا بِجَائِحَةِ سَمَاءٍ فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ بِهِ قَوْلَانِ مَضَيَا.
وَإِنْ كَانَ تلفها بجائحة أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْبَيْعَ لَا يَبْطُلُ بِجَائِحَةِ السَّمَاءِ فَيَكُونُ أَنْ يَبْطُلَ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ يَبْطُلُ بِجَائِحَةِ السَّمَاءِ فَفِي بُطْلَانِهِ بِجِنَايَةِ الْآدَمِيِّ قَوْلَانِ:
وَإِنْ كَانَ تَلَفُهَا بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا تَكُونُ كَجَائِحَةِ السَّمَاءِ فَيَكُونُ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَا مَضَى. فَهَذَا الْحُكْمُ فِي تَلَفِهَا بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَبْلَ الْجِدَادِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ تَلَفُهَا بَعْدَ الْجِدَادِ فَالْبَيْعُ مَاضٍ لَا يَبْطُلُ بِتَلَفِهَا عَلَى الْأَحْوَالِ كُلِّهَا لِاسْتِقْرَارِ الْقَبْضِ وَانْقِضَاءِ عَلْقِ الْعَقْدِ وَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْآدَمِيِّ بِالْمِثْلِ أَوْ بِالْقِيمَةِ إِنْ يَكُنْ لَهَا مثل والله أعلم.