الحاوي الكبير (صفحة 2013)

الْفَلَسِ فَهَلْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ تُؤَبِّرْ تَبَعًا لَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ يَذْكُرَانِ فِي الْفَلَسِ، وَكَالرَّهْنِ إِذَا بِيعَ جَبْرًا عَلَى الرَّهْنِ هَلْ يُبَاعُ مَعَهُ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ مِنَ الثَّمَرَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ لَكِنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمُرَاضَاةِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ، فَهَلْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ تؤبر تبعا له على وجهين يذكران في الْهِبَةِ.

وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَلَمْ يَكُنْ مَأْخُوذًا عَلَى وَجْهِ الْمُرَاضَاةِ كَالطَّلَاقِ إِذَا اسْتَرْجَعَ بِهِ نِصْفَ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا تَكُونُ الثَّمَرَةُ دَاخِلَةً فِيهِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ، وَكَالْوَالِدِ إِذَا رَجَعَ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَالِدِ اسْتِرْجَاعُ الثَّمَرَةِ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ.

مَسْأَلَةٌ:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَأَقَلُّ الْإِبَارِ أَنْ يُؤَبَّرَ شَيْءٌ مِنْ حَائِطِهِ وإن قل وإن لم يؤبر الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى مَا أُبِّرَ كُلُّهُ ".

فصل:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا أَبَّرَ الْحَائِطَ أَوْ نَخْلَةً مِنْهُ كَانَ تَأْبِيرًا لِجَمِيعِهِ، وَصَارَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ مِنَ الْحَائِطِ فِي حُكْمِ مَا قَدْ أُبِّرَ مِنْهُ فِي كَوْنِهِ لِلْبَائِعِ وَخُرُوجِهِ مِنَ الْبَيْعِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ بَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ " وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّأْبِيرُ فِي جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ التَّأْبِيرِ فِي كُلِّ نَخْلَةٍ مَشَقَّةٌ وَفِي تَبْعِيضِ الثَّمَرَةِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي اخْتِلَافٌ وَسَوَاءٌ مُشَارَكَةً فَجَعَلَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ تَبَعًا لِمَا قَدْ أُبِّرَ فِي خُرُوجِهِ مِنَ الْبَيْعِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جَعَلْتُمْ مَا قَدْ أُبِّرَ تَبَعًا لِمَا لم يؤبر في دخوله في البيع.

قل: لِأَنَّ الْمُؤَبَّرَةَ ظَاهِرَةٌ وَغَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ بَاطِنَةٌ وَقَدِ اسْتَقَرَّ فِي الشَّرْعِ أَنْ يَكُونَ الْبَاطِنُ تَبَعًا لِلظَّاهِرِ وَلَا يَكُونُ الظَّاهِرُ تَبَعًا لِلْبَاطِنِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَا بَطَنَ مِنْ أَسَاسِ الْحَائِطِ ورؤوس الْأَجْذَاعِ تَبَعٌ لِمَا ظَهَرَ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ، ولا يكون ما ظهر تبع لِمَا بَطَنَ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ.

فَصْلٌ:

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ تَأْبِيرَ بَعْضِ النَّخْلِ تَأْبِيرٌ لِجَمِيعِ النَّخْلِ فَلَا يَخْلُو حَالُ النَّخْلِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَوْعًا وَاحِدًا أَوْ أَنْوَاعًا.

فَإِنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا فَتَأْبِيرُ نَخْلَةٍ منه كتأبير جميعه.

وإن كان أنواعا فتأبير نَوْعٌ مِنْهُ فَهَلْ يَكُونُ تَأْبِيرًا لِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيٍّ بْنِ خَيْرَانَ إِنَّ كُلَّ نَوْعٍ مُعْتَبَرٌ بِنَفْسِهِ وَأَنَّ تَأْبِيرَ أَحَدِ الْأَنْوَاعِ لَا يَكُونُ تَأْبِيرًا لِجَمِيعِ الْأَنْوَاعِ لِأَنَّ تَلَاحُقَ النَّوْعِ الْوَاحِدِ مُتَقَارِبٌ وَتَلَاحُقَ الْأَنْوَاعِ الْمُخْتَلَفَةِ مُتَبَاعِدٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أبى هريرة أن تَأْبِيرَ النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنَ النَّخْلِ تَأْبِيرٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015