تَبَرُّكًا بِذِكْرِهِ وَاقْتِدَاءً بِغَيْرِهِ، وَاتِّبَاعًا لِمَا رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ ".
فَالْجَوَابُ عَنْهُ من خمسة أوجه:
أحدها: أن يقلب الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِمْ، وَيُسْتَعْمَلَ دَلِيلُ الْخَبَرِ فِي سُؤَالِهِمْ فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنْ كَانَ سُؤَالُكُمْ ذَا بَالٍ فَهَلَّا قَدَّمْتُمْ عَلَيْهِ حَمْدَ اللَّهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ ذِي بَالٍ، فَلَا نُعَوِّلُ عَلَيْهِ، وَكُلُّ سُؤَالٍ انْقَلَبَ عَلَى سَائِلِهِ كَانَ مُطَّرَحًا.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ حَمْدَ اللَّهِ تَارَةً يَكُونُ خَطًّا، وَتَارَةً يَكُونُ لَفْظًا، وَهُوَ أَشْبَهُ الْأَمْرَيْنِ بظاهر الأمر، والمزني تَرَكَ حَمْدَ اللَّهِ خَطًّا وَقَدْ ذَكَرَهُ لَفْظًا حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ تَصْنِيفِ كُلِّ بَابٍ.
وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُزَنِيَّ قَدْ حَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَأَتَى بِهِ كِتَابَةً وَلَفْظًا، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا شَرِيكَ لَهُ، الَّذِي هُوَ كَمَا وَصَفَ وَفَوْقَ مَا يَصِفُهُ بِهِ خَلْقُهُ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السميع البصير، فَحَذَفَ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاقِلِينَ.