وقال تعالى: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس} [الحجر: 30] وَلَيْسَ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 77] وَتَعَالَى اللَّهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ مَنِ اسْتُثْنِيَ مِنْهُ.
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
(وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ ... إِلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ)
وَالْأَنِيسُ: النَّاسُ. وَالْيَعَافِيرُ: حمير الْوَحْشِ، وَقِيلَ: الظِّبَاءُ، وَاحِدُهَا يَعْفُورٌ مَقْلُوبُ أَعْفَرَ.
وَالْعِيسُ: الْإِبِلُ. وَاسْتَثْنَى الْحَمِيرَ وَالْإِبِلَ مِنْ جُمْلَةِ الناس.
وقال النابغة الذبياني:
(وقفت فيها أُصيلالا أُسَائِلُهَا ... عَيَّتْ جَوَابًا وَلَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ)
(إِلَّا أَوَارِيَّ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا ... وَالنُّؤْيُ كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلِدِ)
فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بِالرَّبْعِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يَسْأَلُهُ إِلَّا الْأَوَارِيَّ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: الْأَوَارِيُّ: هِيَ الْمَعَالِفُ.
وَقَالَ الْعُتْبِيُّ: هِيَ الْحِبَالُ الْمَمْدُودَةُ يُشَدُّ عَلَيْهَا الدَّوَابُّ، وَهُوَ جَمْعٌ واحدة أَوْرَى.
فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ مَعَانِيَ الْآيَةِ مُسْتَوْفَاةً جَمِيعَهَا فِي كِتَابِ الْأُمِّ بِكَلَامٍ وَجِيزٍ، فَقَالَ: احْتَمَلَ إِحْلَالُ اللَّهِ تَعَالَى الْبَيْعَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ أَحَلَّ كُلَّ بَيْعٍ تَبَايَعَهُ مُتَبَايِعَانِ جَائِزًا الْأَمْرَ فِيمَا يَتَبَايَعَاهُ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا، وَهَذَا أَظْهَرُ مَعَانِيهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَحَلَّ الْبَيْعَ إِذَا كَانَ مِمَّا لَمْ يَنْهَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ مَعْنَى مَا أَرَادَ. فَيَكُونُ هَذَا مِنَ الْجُمَلِ الَّتِي أَحْكَمَ فَرْضَهَا فِي كِتَابِهِ، وَبَيَّنَ كَيْفَ هِيَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ، أَوْ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ، فَبَيَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أَرَادَ بِإِحْلَالِهِ مِنْهُ وَمَا حَرَّمَ، أَوْ يَكُونُ دَاخِلًا مِنْهُمَا، أَوْ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أَبَاحَهُ إِلَّا مَا حُرِّمَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مِنْهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ - ثُمَّ