قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ يَجُوزُ اشْتِرَاكُ السَّبْعَةِ فِي الْبَدَنَةِ أَوِ الْبَقَرَةِ سَوَاءٌ كَانُوا مُقَرِّبِينَ قُرَبًا مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً وَسَوَاءٌ كَانَ بَعْضُهُمْ مُتَقَرِّبًا وَبَعْضُهُمْ غَيْرَ مُتَقَرِّبٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانُوا مُتَقَرِّبِينَ تَطَوُّعًا جَازَ وَإِنْ كَانُوا مُتَقَرِّبِينَ وَاجِبًا لَمْ يَجُزْ.
وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ جَمِيعُهُمْ مُتَقَرِّبِينَ جَازَ، تَطَوُّعًا كَانَ أَوْ وَاجِبًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مُتَقَرِّبًا وَبَعْضُهُمْ غَيْرَ مُتَقَرِّبٍ لَمْ يَجُزْ وَالدَّلَالَةُ عَلَى مَالِكِ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَبَحَ عَمَّنِ اعْتَمَرَ مِنْ نِسَائِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بَقَرَةً بَيْنَهُنُّ.
وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيَشْتَرِكُ السَّبْعَةُ فِي بدنةٍ أَوْ بقرةٍ، وَلِأَنَّ كُلَّ بَدَنَةٍ جَازَ أَنْ يُهْدِيَهَا الْوَاحِدُ جَازَ أَنْ يُهْدِيَهَا الْجَمَاعَةُ كَالْمُتَطَوِّعِينَ.
وَالدَّلَالَةُ عَلَى أبي حنيفة رِوَايَةُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رجلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال علي بدنةٌ وأنا موسرٌ وَلَا أَجِدُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اذْبَحْ سَبْعَ شياهٍ فَلَمَّا جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَدَنَةَ وَسَبْعَ الشِّيَاهِ فِي الْحُكْمِ سَوَاءً كَانَ كُلَّ سبعٍ مِنْهَا بِإِزَاءِ شَاةٍ فَلَمْ يَضُرَّ اخْتِلَافُ جِهَاتِهِمْ، وَلِأَنَّ كُلَّ هَدْيٍ جَازَ أَنْ يَشْتَرِكَ فِيهِ السَّبْعَةُ فِي وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْمُتَقَرِّبِينَ إِذَا كَانَتْ وُجُوهُ قُرَبِهِمْ مُخْتَلِفَةً.
: فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ اشْتِرَاكِ السَّبْعَةِ فِي الْبَدَنَةِ فَإِذَا اشْتَرَكُوا فِيهَا نَظَرْتَ فِي أَحْوَالِهِمْ فإنها لا تخلوا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونُوا مُتَقَرِّبِينَ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِمْ فَإِذَا ذَبَحُوهَا وَنَوَوْا بِهَا الْوَاجِبَ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُمْ وَعَلَيْهِمْ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْفُقَرَاءِ مَذْبُوحًا فَإِذَا قَبَضُوهُ مُشَاعًا جَازَ أَنْ يتصرفوا فيه كيف شاؤوا وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ أَنْ يَدْفَعَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمَهُ إِلَى ثَلَاثَةٍ فَإِنْ دَفَعُوهُ إِلَى أحد وَعِشْرِينَ فَقِيرًا لِيَكُونَ كُلُّ سَبْعٍ مِنْهَا مَدْفُوعًا إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ أَجْزَأَ وَإِنْ دَفَعُوهُ إِلَى ثَلَاثَةٍ فَإِنْ قَصَدُوا أَنَّ حِصَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعَةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ أَخَذَ مِنْ كَفَّارَةٍ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِهَا وَإِنْ أَطْلَقُوهُ لَمْ يَجُزْ.