قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ، وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ لِغَيْرِ مَالِكٍ جَزَاهُ الْمُحْرِمُ بِمِثْلِهِ إِنْ شَاءَ مَكَانَهُ فِي الْحِلِّ كَانَ أَمْ فِي الْحَرَمِ، وَلَوْ أَرَادُوا الْإِحْلَالَ ثُمَّ الْقِتَالَ، لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْإِحْصَارِ بِالْعَدُوِّ.
فَأَمَّا الْإِحْصَارُ بِالْمَرَضِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ أبو حنيفة: يَجُوزُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِالْمَرَضِ كَمَا يَتَحَلَّلَ بِالْعَدُوِّ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ) {البقرة: 196) ، فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِلَى أَنَّهُ يُقَالُ: أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ وَحَصَرَهُ الْعَدُوُّ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْآيَةُ وَارِدَةً فِي الْإِحْصَارِ بِالْمَرَضِ وَيَكُونُ الْإِحْصَارُ بِالْعَدُوِّ قِيَاسًا عَلَيْهِ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ يُقَالُ: أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ وَأَحْصَرَهُ الْعَدُوُّ مَعًا، فَعَلَى هَذَا الْآيَةُ عَامَّةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَرَوَى عِكْرِمَةُ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ كُسِرَ أَوْ عُرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ، فَسَأَلْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَابْنَ عباسٍ، فَقَالَا: صَدَقَ، قَالَ: وَلِأَنَّهُ مَصْدُودٌ عَنِ الْبَيْتِ، فَجَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ كَالْمُحْصَرِ بِالْعَدُوِّ، قَالَ: وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَجِبُ بِوُجُودِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَجَازَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا بِالْمَرَضِ كَالْجِهَادِ؛ وَلِأَنَّ الْإِحْصَارَ بِالْمَرَضِ أَشَدُّ من الإحصار بالعدو؛ لأنه لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْمَرَضِ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ الْعَدُوِّ عَنْ نَفْسِهِ، إِمَّا بِقِتَالٍ، أَوْ بِمَالٍ، فَلَمَّا جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِمَا قَدْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ، كَانَ تَحَلُّلُهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْلَى، وَدَلِيلُنَا مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ