الحاوي الكبير (صفحة 1781)

عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، فَأَمَّا نَهْيُ عُمَرَ لِلْأَعْرَابِيِّ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَهَاهُ أَنْ يَخْبِطَ وَرَقَ الشَّجَرِ، فَأَمَّا رَعْيُ الْحَشِيشِ فَلَا، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ رَعْيَ الْبَهَائِمِ جَائِزٌ، وَأَنَّ قَلْعَهُ وَقَطْعَهُ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ قَلَعَهُ نَظَرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَخْلَفَ الْحَشِيشُ بَعْدَ الْقَطْعِ وَعَادَ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يَعُدْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْهُ بِشَيْءٍ، فَأَمَّا مَا جَفَّ مِنْهُ وَمَاتَ فَيَجُوزُ أَخْذُهُ وَقَلْعُهُ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا أَخْذُ وَرَقِ الشَّجَرِ فَإِنْ كَانَ جَافًّا جَازَ أَخْذُهُ، وَإِنْ كَانَ رَطْبًا لَمْ يَجُزْ أخذه؛ لأن فيه إضرار بِالشَّجَرِ، كَمَا لَا يَجُوزُ نَتْفُ شَعْرِ الصَّيْدِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِضْرَارٍ بِالصَّيْدِ، فَإِنْ فَعَلَ وَلَمْ يَمُتِ الشَّجَرُ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ مَعَ بَقَاءِ الشَّجَرِ، وَكَذَلِكَ إِنْ أَخَذَ مِسْوَاكًا مِنْ أَرَاكٍ أَوْ عُودًا صَغِيرًا مِنْ شَجَرَةٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ، فَأَمَّا إِنْ قَطَعَ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِ شَجَرَةٍ فَإِنْ عَادَ الْغُصْنُ وَاسْتَخْلَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، فَأَمَّا أَخْذُ وَرَقِ الشَّجَرِ وَثِمَارِهِ فجائز، وَكَذَلِكَ أَكْلُ ثِمَارِ الْأَرَاكِ مِنَ الْحَرَمِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ: الْكَبَاثَ، فَجَائِزٌ لَا بأس به، قد رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَجْنِي الْكَبَاثَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كلوا الأسود منه فإنه أطيب "، يَعْنِي: أَطْيَبَ، فَقَدَّمَ الْيَاءَ عَلَى الطَّاءِ عَلَى لُغَةِ الْيَمَنِ، كَمَا يُقَالُ: طَبِيخٌ وَبَطِيخٌ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَقَدْ رَعَيْتَ؟ فَقَالَ: مَا مِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا مَنْ قَدْ رعى لأهله ".

مسألة: (قال الشافعي) : رضي الله عنه: " وفي الشجرة الصغيرة شاء وَفِي الْكَبِيرَةِ بقرةٌ وَذَكَرُوا هَذَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وعطاءٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ مَا يَجِبُ ضَمَانُهُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ شَجَرَةً كَبِيرَةً.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ شَجَرَةً صَغِيرَةً.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ نَبَاتًا.

فَأَمَّا الشَّجَرَةُ الْكَبِيرَةُ فَفِيهَا بَقَرَةٌ أَوْ بَدَنَةٌ؛ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " في الدوحة إذا قطعت من أصلها بقرةٌ "، لِأَنَّ ذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَلَيْسَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ أَعْظَمُ نَبَاتِ الْحَرَمِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ جَزَاؤُهَا مِنْ أَعْظَمِ النَّعَمَ، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ - وَحَدُّ الشَّجَرَةِ أَنْ يَقُومَ لَهَا سَاقٌ، أَوْ يُكْسَرَ لَهَا أَغْصَانٌ - فَفِيهَا شَاةٌ، وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ لَهُمَا فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مِنْ صِغَارِ الشَّجَرِ، وَجَبَ فِيهَا صِغَارُ النَّعَمِ، وَذَلِكَ الْغَنَمُ، وَأَمَّا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015