أَبِي هُرَيْرَةَ يَنْقُلُ هَذَا الْجَوَابَ إِلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي سَدِّ السَّبِيلَيْنِ فَيَقُولُ: إِنْ كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ لَمْ يَنْقُضْ، وَإِنْ كَانَ دُونَهَا فَعَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَنْكَرَ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِ وَنَسَبُوهُ إِلَى الْغَفْلَةِ فِيهِ. فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا وَجَعَلْنَا مَا انْفَتَحَ مِنَ السَّبِيلِ الْحَادِثِ مَخْرَجًا لِلْحَدَثِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ السَّبِيلَيْنِ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّهِ وَالْغُسْلِ مِنَ الْإِيلَاجِ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي اسْتِعْمَالِ الْأَحْجَارِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْهُ، وَهَكَذَا اخْتَلَفُوا إِذَا نَامَ عَلَيْهِ مُلْصِقًا لَهُ بِالْأَرْضِ هَلْ يَكُونُ كَالنَّائِمِ قَاعِدًا فِي سُقُوطِ الوضوء عنه على وجهين.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَالنَّوْمُ هُوَ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَيَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ.
وَقِسْمٌ لَا يُوجِبُهُ.
وَقِسْمٌ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ.
فَأَمَّا الْقِسْمُ الْمُوجِبُ للوضوء فهو النوم زائلاً عن مستوء الْجُلُوسِ مُضْطَجِعًا أَوْ غَيْرَ مُضْطَجِعٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي مِجْلَزٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَحُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ أَنَّ النَّوْمَ لَا يُوجِبُ بِحَالٍ حَتَّى حُكِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَامَ وَكَّلَ بِنَفْسِهِ رَجُلًا يُرَاعِيهِ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ لَهُ هَلْ سَمِعْتَ صَوْتًا أَوْ وَجَدْتَ رِيحًا، فَإِنْ قَالَ: لَا، قَامَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَفِيمَا نَذْكُرُهُ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا يُوَضِّحُ فَسَادَ هَذَا الْمَذْهَبِ وَيُغْنِي عَنِ الْإِطَالَةِ بِإِفْرَادِهِ بِالدَّلَالَةِ، وَقَالَ أبو حنيفة: النَّوْمُ إِنَّمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ إِذَا كَانَ مُضْطَجِعًا أَوْ مُتَّكِئًا وَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إِذَا نَامَ قَائِمًا أَوْ مَاشِيًا.
اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ