رمضان لفوات زمانه، لأن مُوَالَاةَ صِيَامِهِ وَجَبَتْ بِالزَّمَانِ، لَا بِالْفِعْلِ فَأَمَّا إِذَا نَذَرَ شَهْرًا بِعَيْنِهِ، فَإِذَا الشَّهْرُ قَدْ ذَهَبَ قَبْلَ نَذْرِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ نذره لم ينعقد.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن نوى يوماً فدخل في نِصْفَ النَّهَارِ اعْتَكَفَ إِلَى مِثْلِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُمَا مَسْأَلَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِي هَذَا، وَهُوَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ يَلْزَمُهُ الِاعْتِكَافُ مِنْ وَقْتِهِ، إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الْغَدِ، فَيَعْتَكِفُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ مِنَ الْغَدِ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَيَحْصُلُ لَهُ اعْتِكَافُ يَوْمٍ مِنْ جُمْلَةِ يَوْمَيْنِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ اعْتِكَافُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، لِأَنَّهَا تَخَلَّلَتْ زَمَانَ اعْتِكَافِهِ فَصَارَتْ تَبَعًا لِلطَّرَفَيْنِ، كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَزِمَهُ الدُّخُولُ فِيهِمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْخُرُوجُ مِنْهُمَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَتَكُونُ اللَّيْلَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ، دَاخِلَةً فِي الِاعْتِكَافِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ نِيَّةُ النهار دون الليل.
والمسألة الثانية: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ يَوْمٍ دَخَلَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَمْسِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لِأَنَّ مُطْلَقَ الْيَوْمِ يَقَعُ عَلَى هَذَا الزَّمَانِ، وَلَا يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَخَلَّلُ زَمَانَ الِاعْتِكَافِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ الْغَدِ كَالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ اسْمَ الْيَوْمِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ كَمَا كَانَ تَلْفِيقُ اليوم في الحيض.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ قَالَ يَوْمَيْنِ فَإِلَى غُرُوبِ الشَمْسِ مِنَ الَيْوَمِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةُ النَهَارِ دُونَ اللَّيْلِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمَيْنِ فَذَلِكَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِمَا التَّتَابُعَ، فَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فِيهِمَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَالْخُرُوجُ مِنْهُمَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَتَكُونُ اللَّيْلَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ دَاخِلَةً فِي الِاعْتِكَافِ، إِلَّا أن يكون له نية النهار دون الليل، فَيَعْمَلُ عَلَى نِيَّتِهِ فَأَمَّا اللَّيْلَةُ الْأُولَى، فَلَا يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُهَا وَقَالَ أبو حنيفة يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُهَا تَبَعًا لِلنَّهَارِ، فَيَدْخُلُ فِي اعْتِكَافِ يَوْمٍ قَبْلَ غروب الشمس وهذا خطأ لأن نذره نعقد عَلَى زَمَانِ النَّهَارِ فَلَمْ يَلْزَمْ دُخُولُ اللَّيْلَةِ أولى فيه كما نذر