قال الشافعي رضي الله عنه: " وأنهى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى وَأَيَّامِ التشريق لنهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عنها. ولو صامها متمتع لا يجد هدياً عنه عندنا (قال المزني) قد كان قال يجزيه ثم رجع عنه ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه نهى عن صيام سبعة أيام العيدان وَأَيَّامِ مِنًى وَيَوْمِ الشَكِّ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ.
فَأَمَّا الْعِيدَانِ فَنَهَى عَنْ صَوْمِهِمَا نَهْيَ تَحْرِيمٍ، وَأَمَّا أَيَّامُ مِنًى، فَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَذْهَبُ فِي الْقَدِيمِ إِلَى جَوَازِ صِيَامِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فِي الْجَدِيدِ، وَمَنَعَ مِنْ صِيَامِهَا لِلْمُتَمَتِّعِ وَغَيْرِهِ، وَحَرَّمَهَا كَالْعِيدَيْنِ فَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا تَطَوُّعًا وَلَا نَذْرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مَعَ أبي حنيفة فِي جَوَازِ صِيَامِهَا نَذْرًا، وَأَمَّا يَوْمُ الشَّكِّ، فَقَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى نَهْيِ الصَّوْمِ فِيهِ، وَأَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ لَا لِلتَّحْرِيمِ، فَأَمَّا يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَقَدْ رَوَى نَهْيَ صَوْمِهِ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرًا فِي الطَّوَافِ فَقُلْتُ لَهُ: أَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ وَرَبِّ هَذِهِ الْكَعْبَةِ وَأَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَنَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَلَكَنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْهُ.
فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى هَذَا النَّهْيِ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ كَالْفِطَرِ وَالْأَضْحَى. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: إِنَّمَا وَرَدَ النَّهْيُ فِيمَنْ أَفْرَدَ صَوْمَهُ دون ومن وَصَلَهُ بِغَيْرِهِ، لِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ