عَرَفَةَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَةَ قَالَ: فَأَرْسَلَتْ أُمُّ الْفَضْلِ عَلَى يَدَيِ الْعَبَّاسِ قَدَحًا فِيهِ لَبَنُ الْأَوْرَاكِ، فَشَرِبَهُ وَهُوَ واقفٌ عَلَى بَعِيرِهِ بِالْمَوْقِفِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ: حَجَجْتُ مَعَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمْ يَصُمْهُ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ عُمَرَ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَعَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ، وَأَنَا لَا أَصُومُهُ، وَلَا آمُرُ بِصِيَامِهِ، وَلَا أَنْهَى عَنْهُ وَلِأَنَّ فِي إِفْطَارِهِ تَقْوِيَةً عَلَى أَدَاءِ حَجِّهِ، وَعَلَى الدُّعَاءِ وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ يَوْمَ عَرَفَةَ.
: فَأَمَّا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَهُوَ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، قَدْ صَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، وَأَنْفَذَ إِلَى أَهْلِ الْعَوَالِي يَأْمُرُ مَنْ أَكَلَ فِيهِ بِالْإِمْسَاكِ، وَمَنْ لَمْ يَأْكُلْ بِالصِّيَامِ أَوْ كَانَ السَّبَبُ فِي صِيَامِهِ، مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَهُ فَقَالَ: مَا هَذَا الْيَوْمُ؟ قَالُوا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي فَلَقَ اللَّهُ فِيهِ الْبَحْرَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ وَقَالَ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي صَوْمِهِ هَلْ كَانَ فَرْضًا ثُمَّ نُسِخَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ أبو حنيفة وَطَائِفَةٌ: كَانَ صَوْمُهُ فَرْضًا، ثُمَّ نُسِخَ بِشَهْرِ رَمَضَانَ.
وَقَالَ آخَرُونَ وَهُوَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَشْبَهُ إِنَّ صَوْمَهُ لَمْ يَزَلْ مَسْنُونًا لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ شَقِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: " يَوْمُ عَاشُورَاءَ لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَإِنِّي صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرْ " فَأَمَّا يَوْمُ التَّاسِعِ مِنَ الْمُحَرَّمِ فَيُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَئِنْ عِشْتُ لَأَصُومَنَّ يَوْمَ التَّاسِعِ مِنَ الْمُحَرَّمِ فَمَاتَ قَبْلَهُ.