لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَدَاءُ عِبَادَةٍ فِي حَالِ الرِّدَّةِ لِفَسَادِ الْمُعْتَقَدِ فَإِذَا عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا يَقْضِي مَا ترك من الصلوات.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فَلَا صَوْمَ عَلَيْهَا فَإِذَا طَهُرَتْ قَضَتِ الصَوْمَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا أَنْ تُعِيدَ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا مَا كَانَ فِي وَقْتِهَا الَّذِي هُوَ وَقْتُ الْعُذْرِ وَالضَرُورَةِ كَمَا وَصَفْتُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْحَائِضَ لا صوم عليها ولا زَمَانِ حَيْضِهَا بَلْ لَا يَجُوزُ لَهَا، وَمَتَى طَرَأَ الْحَيْضُ عَلَى الصَّوْمِ أَبْطَلَهُ إِلَّا طَائِفَةٌ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ، تَزْعُمُ أَنَّ الْفِطْرَ لَهَا رُخْصَةٌ فَإِنْ صَامَتْ أَجْزَأَهَا، وَهَذَا مَذْهَبٌ قَدْ شَذَّ عَنِ الْكَافَّةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِهِ مَعَ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلَيْسَ الْمَرْأَةُ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تَصُمْ، وَلَمْ تُصَلِّ فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِهَا " وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ عَلَيْنَا قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَا نَقْضِيهِ إِلَّا فِي شَعْبَانَ اشْتِغَالًا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَعْنِي قَضَاءَ رَمَضَانَ مِنْ أَجْلِ الْحَيْضِ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْحَائِضِ أَنْ تَكُونَ مُحْدِثَةً، وَالْحَدَثُ وَالْجَنَابَةُ لَا يَمْنَعَانِ الصَّوْمَ، قِيلَ: قَدْ فَرَّقَتِ السُّنَّةُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّ الْحَدَثَ وَالْجَنَابَةَ لَا يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ، وَيُمْكِنُ دَفْعُهُمَا بِالطَّهَارَةِ، وَالْحَيْضُ يُسْقِطُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالطَّهَارَةِ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ، فَلِذَلِكَ مَا افْتَرَقَ حُكْمُ الصَّوْمِ فِيهِمَا فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَائِضَ تَدَعُ الصَّلَاةَ، وَالصِّيَامَ، فَإِذَا طَهُرَتْ لَزِمَهَا قَضَاءُ الصِّيَامِ دُونَ الصَّلَاةِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: كُنَّا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصِّيَامِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَشَقَّةَ لَاحِقَةٌ فِي إِعَادَةِ الصَّلَوَاتِ لِتَرَادُفِهَا مَعَ الْأَوْقَاتِ، وَالصَّوْمُ لِقِلَّتِهِ لَا تَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ فِي إِعَادَتِهِ فَلِهَذَا مَا لَزِمَهَا قَضَاءُ الصيام دون الصلاة.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَأُحِبُّ تَعْجِيلَ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرَ السُّحُورِ اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
تَعْجِيلُ الْفِطْرِ إِذَا تُيُقِّنَ غُرُوبُ الشَّمْسِ مَسْنُونٌ لِمَا رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَزَالُ النَاسُ بخيرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَلَمْ يُؤَخِّرُوهُ تَأْخِيرَ أَهْلِ الْمَشْرِقِ ".