رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنِ اسْتَقَاءَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ " وَرَوَى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مِنِ اسْتَقَاءَ عَامِدًا أَفْطَرَ وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ " وَرَوَى مَعْدَانُ بْنُ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاءَ فَأَفْطَرَ فَإِنْ قِيلَ إِنَّمَا يَكُونُ الْفِطْرُ بِمَا يَدْخُلُ الْجَوْفَ لَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ قُلْنَا: قَدْ يَكُونُ الْفِطْرُ بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا أَلَا تَرَى، أَنَّ مَنْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ فَأَنْزَلَ أَفْطَرَ، وَإِنْ كَانَ الْمَنِيُّ خَارِجًا مِنْهُ، عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَوْدِ بَعْضِ الْقَيْءِ إِلَى جَوْفِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ " ثَلَاثٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ " فَمَحْمُولٌ عَلَيْهِ إِذَا ذَرَعَهُ الْقَيْءُ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَأَمَّا خَبَرُنَا، فَفِيهِ دَلَائِلُ:
أَحَدُهَا: مِنْهَا أَنَّ الْأَكْلَ عَامِدًا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَلَا كفارة؛ لأنه كالمتقيء عَامِدًا.
وَمِنْهَا أَنَّ الْأَكْلَ نَاسِيًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَا كَفَّارَةَ.
وَمِنْهَا أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الْإِفْطَارِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى من غلبه القيء.
قال الشافعي رضي الله عنه: " إِذَا أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ لَا يُفْطِرُ عِنْدَنَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَالَ أبو حنيفة يُفْطِرُ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ أَكَلَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُفْطِرَ بِهِ كَالْمَرِيضِ، وَدَلِيلُنَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ " وَلِأَنَّ مَحْظُورَاتِ الصِّيَامِ طَرَأَتْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَمْ يُفْطِرْ بِهَا كَغُبَارِ الدَّقِيقِ، وَلِأَنَّ الْأَكْلَ نَاسِيًا أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْمُكْرَهِ، وَلَا يُفْطِرُ بِهِ فَكَانَ الْمُكْرَهُ أَوْلَى أَنْ لَا يُفْطِرَ، فَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الْمَرِيضِ فَهُوَ أَكْلٌ لِأَجْلِ الْمَرَضِ مُخْتَارًا، فَخَالَفَ الْمُكْرَهَ الَّذِي أُوْجِرَ الطَّعَامُ فِي حَلْقِهِ، فَإِنْ دُفِعَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ، فَأُكْرِهَ بِالتَّخْوِيفِ حَتَّى أَكَلَهُ فَفِي فِطْرِهِ بِهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: يُفْطِرُ بِهِ كَالْمَرِيضِ.
وَالثَّانِي: لَا يُفْطِرُ بِهِ لِارْتِفَاعِ الِاخْتِيَارِ وثبوت الإكراه.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ أَصْبَحَ لَا يَرَى أَنَّ يَوْمَهُ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَطْعَمْ ثُمَّ اسْتَبَانَ ذَلِكَ لَهُ فَعَلَيْهِ صِيَامُهُ وَإِعَادَتُهُ ".