{إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ اللَّهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا}
أَيْ: إِذَا رَضِيَتْ عَنِّي.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّ السَّيِّدَ يَحْمِلُهَا عَنْ عَبْدِهِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ كُنَّا نُؤَدِّي صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَعَلَى هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ دَالٌّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى الْعَبْدِ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ دَالٌّ عَلَى تَحَمُّلِ السَّيِّدِ فَلَا يَتَنَافَيَانِ.
: فَأَمَّا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ نِصْفُهُ فَكَالْعَبْدِ زَكَاةُ فِطْرِهِمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ، فَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، لِبَقَاءِ رِقِّهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ لِنُقْصَانِ مِلْكِهِ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ حَكَاهُ أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْقَدِيمِ أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ مُكَاتَبِهِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ نَقَصَ تَصَرُّفُهُ كَالْآبِقِ.
قال الشافعي رضي الله عنه: " فهم وَالْمَرْأَةُ مِمَنْ يَمُونُونَ فَكُلُّ مَنْ لَزِمَتْهُ مُؤْنَةُ أحدٍ حتى لا يكون لها تَرْكُهَا أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَذَلِكَ مَنْ أجبرناه على نفقته من لده الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ الزَّمْنَى الْفُقَرَاءِ وَآبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ الزَّمْنَى الفقراء وزوجته وخادم لها ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ لَزِمَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا وَهُمْ ضَرْبَانِ:
ضَرْبٌ: لَزِمَتْ نَفَقَاتُهُمْ بِأَنْسَابٍ.
وَضَرْبٌ: لَزِمَتْ نَفَقَاتُهُمْ بِأَسْبَابٍ فَأَمَّا ذرو الأنساب فضربان والدون ومولودون، فَهُمُ الْآبَاءُ وَالْأَجْدَادُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ، وَلَهُمْ حَالَانِ حَالُ فَقْرٍ وَحَالُ غِنًى، فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَنَفَقَاتُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَكَذَلِكَ زَكَاةُ فِطْرِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ فَلَهُمْ حَالَانِ حَالُ صِحَّةٍ وَحَالُ زَمَانَةٍ، فَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ زَمْنَى فَنَفَقَاتُهُمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَاجِبَةٌ، وَكَذَلِكَ زَكَاةُ فِطْرِهِمْ.
وَقَالَ أبو حنيفة تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ دون زكاة فطرهم، وإن كان فُقَرَاءَ أَصِحَّاءَ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ وَلَا زَكَاةُ فِطْرِهِمْ حَتَّى يَجْتَمِعَ فِيهِمُ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا الْفَقْرُ وَالزَّمَانَةُ، وَكَانَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يُخَرِّجُ قَوْلًا ثَانِيًا، أَنَّ نَفَقَاتِهِمْ وَزَكَاةَ فِطْرِهِمْ وَاجِبَةٌ بِالْفَقْرِ دُونَ الزَّمَانَةِ فقال أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِهِ