وَالذَّهَبِ، وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أَِنْ قَالُوا إِنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ وَالْقِيَمِ فَوَجَبَ أَنْ يُضَمَّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ كَأَجْنَاسِ الْفِضَّةِ وَأَجْنَاسِ الذَّهَبِ.
وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال " ليس فيما دون خمسٍ ذودٍ من الْإِبِلِ صدقةٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنَ الذَّهَبِ صدقةٌ وَلَا فِيمَا دُونَ مِائَتَيْ درهمٍ مِنَ الورقِ صدقةٌ " فَكَانَ نَصُّ هَذَا الْحَدِيثِ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيمَا نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ وَدَالًّا عَلَى بُطْلَانِ الضَّمِّ، وَلِأَنَّهُمَا ما لان نِصَابُهُمَا مُخْتَلِفٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُضَمَّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَلِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِمَا فَوَجَبَ أَنْ لَا يُضَمَّ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلِأَنَّ مَا اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ مَعَ غَيْرِهِ اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ وَإِنِ انْفَرَدَتْ عَنْ غَيْرِهِ كَعُرُوضِ التِّجَارَاتِ، وَمَا لَمْ تُعْتَبَرْ قِيمَتُهُ مُنْفَرِدًا لَمْ تُعْتَبَرْ قِيمَتُهُ مَعَ غَيْرِهِ كَالْمَوَاشِي، فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا لَا غَيْرَ لَمْ تعتبر قيمتها وإن بلغت نصاباً، وهذا الاعتلال يَتَحَرَّرُ مِنِ اعْتِلَالِهِ قِيَاسَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ نَقُولَ لِأَنَّهُ مَالٌ لَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ بِانْفِرَادِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ [مَعَ غَيْرِهِ كَالْمَوَاشِي] .
وَالثَّانِي: أَنْ نَقُولَ لِأَنَّهُ مَالٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَلَمْ يَجِبِ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ كَالْمُنْفَرِدِ.
الْجَوَابُ: أَمَّا الْآيَةُ فَلَا دَلَالَةَ فِيهَا، لِأَنَّهُ إِنْ جَعَلَهَا دَلِيلًا عَلَى تَسَاوِي حُكْمِهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَمْ يَصِحَّ لِاخْتِلَافِ نَصِّهَا، وَإِنْ جعلها دليلاً على تساوي حكمها مِنْ وَجْهٍ قُلْنَا بِمُوجِبِهَا وَسَوَّيْنَا بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِمَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي " الرِّقَّةِ رُبُعُ الْعُشْرِ " فَهُوَ اسْمٌ لِلْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ عَلَى قَوْلِ ثَعْلَبٍ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ إِبَانَةُ قَدْرِ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْدَلَ بِهِ عَمَّا قُصِدَ لَهُ ولو جاز ضمهما، لأن الاسم يَجْمَعُهُمَا لَجَازَ ضَمُّ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ لِأَنَّ اسْمَ الماشية يجمعها، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى أَجْنَاسِ الْفِضَّةِ وَأَجْنَاسِ الذَّهَبِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْفِضَّةَ جِنْسٌ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ، فَلِذَلِكَ ضُمَّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلَيْسَ الذَّهَبُ مِنْ جِنْسِهَا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهَا والله أعلم.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.