منهما يبلغ بانفراده نصاباً أو بإضافة إِلَى مَا عِنْدَهُ نِصَابًا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ قَدْرَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَعَمِلَ عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَأَخْرَجَ زَكَاةَ مَا يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ مَيَّزَهُمَا بِالنَّارِ، وَأَخْرَجَ زَكَاةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنْ بَلَغَ بِانْفِرَادِهِ أَوْ بِالْإِضَافَةِ إِلَى غَيْرِهِ نِصَابًا فَصَاعِدًا.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ أَخْذَ زَكَاتِهَا مِنْهُ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِيَقِينِ مَا فِيهَا مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَقَالَ أَعْلَمُ ذَلِكَ قطعاً وإحاطة، كان القول قوله، وإن اتَّهَمَهُ أَحْلَفَهُ اسْتِظْهَارًا، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ وَلَكِنْ قَالَ الِاحْتِيَاطُ أَنَّ مَا فِيهَا مِنَ الْفِضَّةِ كَذَا وَمِنَ الذَّهَبِ كَذَا لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَهُ؛ لأن ذلك اجتهاداً مِنْهُ وَالْإِمَامُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ، فَإِنِ انْضَافَ إِلَى قَوْلِهِ قَوْلُ مَنْ تَسْكُنُ النَّفْسُ إِلَى قَوْلِهِ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ عَمِلَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْعَمَلُ عَلَى احْتِيَاطِهِ إِذَا تَوَلَّى إِخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهِ إِلَى اجْتِهَادِهِ، فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرَ مُيِّزَتْ بِالنَّارِ وَخُلِّصَتْ بِالسَّبْكِ، وَفِي مُؤْنَةِ السَّبْكِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: مِنْ وَسَطِ الْمَالِ، لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ شُرَكَاؤُهُ فِي الْمَالِ قَبْلَ السَّبْكِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَخْتَصَّ بِمُؤْنَتِهِ دُونَهُمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَظْهَرُ أَنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ الزَّكَاةِ إِلَّا بِهَا كَالْحَصَادِ وَالصِّرَامِ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا تَمْوِيهُ السَّقْفِ وَالْأَرْوِقَةِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَحَرَامٌ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِسْرَافِ وَالْخُيَلَاءِ وَالتَّحَاسُدِ وَالْبَغْضَاءِ، فإن موه رجل سقف بيته أَوْ حَائِطَ دَارِهِ بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ كَانَ آثِمًا، وَنَظَرَ فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ تَخْلِيصُهُ وَلَا مَرْجِعَ لَهُ فَهُوَ مُسْتَهْلَكٌ، وَلَا زَكَاةَ فِيهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، فَإِنْ كَانَ تَخْلِيصُهُ مُمْكِنًا فَزَكَاتُهُ وَاجِبَةٌ إِنْ بَلَغَ نِصَابًا، فَإِنْ عَلِمَ قَدْرَهُ أَوِ احْتَاطَ لَهُ وَإِلَّا مَيَّزَهُ وَخَلَّصَهُ، وَأَمَّا حِلْيَةُ اللِّجَامِ فَإِنْ كَانَتْ ذَهَبًا لَمْ يَجُزْ، وَزَكَاتُهُ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِضَّةً فَعَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ كَالذَّهَبِ فَعَلَى هَذَا يُزَكِّيهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ فَعَلَى هَذَا فِي وُجُوبِ زَكَاتِهِ قَوْلَانِ لأنه حلي مباح والله أعلم.