الحاوي الكبير (صفحة 1202)

باب صدقة الزرع

قال الشافعي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) {الأنعام: 141) دلالةٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَمَا جَعَلَ الزَّكَاةَ على الزرع ".

أَمَّا الزُّرُوعُ فَمِنَ الْأَمْوَالِ الْمُزَكَّاةِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ في أجناس ما تجب فيه الزَّكَاةُ، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ سَبْعَةُ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِيمَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ قُوتًا مُدَّخَرًا، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: إِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لَا غَيْرَ، قَالَ بِهِ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ لَا غَيْرَ، قَالَ بِهِ أَبُو ثَوْرٍ.

وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ في كل زرع نبت من بزره وأخذ بزره مِنْ زَرْعِهِ قَالَ بِهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ.

وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْحُبُوبِ الْمَأْكُولَةِ غَالِبًا مِنَ الزُّرُوعِ قَالَ بِهِ مَالِكٌ.

والمذهب السادس: أنها واجبة في الْحُبُوبِ الْمَأْكُولَةِ. وَالْقُطْنِ أَيْضًا قَالَ بِهِ أبو يوسف.

وَالْمَذْهَبُ السَّابِعُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ مزروع ومغروس من فواكه وبقال وَحُبُوبٍ وَخُضَرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة اسْتِدْلَالًا بعموم قَوْله تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ) {البقرة: 267) . وبعموم قوله: {وَالزّيْتُونَ والرُّمَانَ) {الأنعام: 141) . إِلَى قَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) {الأنعام: 141) : وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ " وَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ، وَلِأَنَّهُ مَزْرُوعٌ فَاقْتَضَى أَنْ يَجِبَ عُشْرُهُ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015