فَصْلٌ: وَأَمَّا الْوَرْسُ فَقَدْ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ الْقَوْلَ فِيهِ فَقَالَ إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْتُ بِهِ، وَالْحَدِيثُ مَا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ يوسف عن محمد بن يزيد الخفاشي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ خُفَّاشٍ بِخَطِّ مُعَيْقِيبٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَهْلِ خفاشٍ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُخْرِجُوا الْعُشْرَ مِنَ الْوَرْسِ وَالذُّرَةِ، فَإِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَلَا سَبِيلَ لأحدٍ عَلَيْكُمْ، فَعَلَّقَ فِي الْقَدِيمِ إِيجَابَ زَكَاةِ الْوَرْسِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنْ صَحَّ كَانَتْ زَكَاتُهُ عَلَى الْقَدِيمِ وَاجِبَةً فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ مِنْ غَيْرِ وَقْصٍ مَعْفُوٍّ، لِعُمُومِ الْأَثَرِ فِيهِ.
وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ لَا زَكَاةَ فِيهِ بِحَالٍ لِضِعْفِ الأثر المروي واحتماله التأويل لو صح والله أعلم.
فَصْلٌ
: وَأَمَّا الزَّعْفَرَانُ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِنْ كَانَ الْعُشْرُ فِي الْوَرْسِ ثَابِتًا احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ فِي الزَّعْفَرَانِ الْعُشْرُ، لِأَنَّهُمَا طَيِّبَانِ وَلَيْسَا كَثِيرًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: لَا شَيْءَ فِي الزَّعْفَرَانِ، لِأَنَّ الْوَرْسَ شَجَرٌ لَهُ ساق وهو ثمرة والزعفران ينبت فجعل الْوَرْسَ لَا شَيْءَ فِيهِ فَالزَّعْفَرَانُ أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا فِي الْوَرْسِ الزَّكَاةُ فَالزَّعْفَرَانُ عَلَى قَوْلَيْنِ وَعَلَى الْجَدِيدِ لَا زَكَاةَ فِيهِمَا بِحَالٍ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا الْقِرْطِمُ وَعُصْفُرُهُ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ فِيهِ الْعُشْرُ كَانَ مَذْهَبًا، فَعَلَّقَ الْقَوْلَ فِيهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنَ الْقِرْطِمِ وَالصَّحِيحُ أَنْ لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالزَّعْفَرَانِ لِخُرُوجِ كُلِّ ذَلِكَ عَنِ الْأَقْوَاتِ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا الْعَسَلُ فَقَدْ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ الْقَوْلَ فِيهِ فَجَعَلَ ذَلِكَ قَوْلًا لَهُ فِي إِيجَابِ عُشْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة فِيمَا أُخِذَ مِنْ غَيْرِ أَرْضِ الْخَرَاجِ، تَعَلُّقًا بِمَا رُوِيَ أَنَّ قَوْمًا من بني سلمة أتوا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعثور نخلٍ لَهُمْ فَأَخَذَهَا مِنْهُمْ، وَحَمَى لَهُمْ وَادِيًا.
وَرُوِيَ عن عبد الله بن رياب قَالَ: " قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَسْلَمْتُ ثُمَّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: اجْعَلْ لِقَوْمِي مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: فَفَعَلَ وَاسْتَعْمَلَنِي عَلَيْهِمْ، ثَمَّ اسْتَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، قَالَ: فَكَلَّمْتُ قَوْمِي فِي الْعَسَلِ وَقُلْتُ لَهُمْ زَكُّوهُ فَإِنَّهُ لَا خَيْرَ فِي ثَمَرَةٍ لَا تُزَكَّى، فَقَالُوا: كَمْ تَرَى فَقُلْتُ: الْعُشْرَ، فَأَخَذْتُ مِنْهُمُ الْعُشْرَ فَأَتَيْتُ بِهِ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ فقبضه وجعله في صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ " وَالصَّحِيحُ عَلَى الْقَدِيمِ، وَصَرِيحُ قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ إِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنَ الدَّلِيلِ فِي إِسْقَاطِ زَكَاةِ الزَّيْتُونِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده أن قَوْمًا آتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعشور فحل لَهُمْ وَسَأَلُوهُ أَنْ يَحْمِيَ وَادِيًا لَهُمْ يُقَالُ له: سلمة فحماه لهم، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخُطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنْ