وَالثَّانِي: جَائِزَةٌ إِذَا قِيلَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الذِّمَّةِ، فَإِذَا جَاءَ السَّاعِي مُطَالِبًا بِالزَّكَاةِ لَمْ تخل حال حصصهم من الثمر مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ حِصَصُ جَمِيعِهِمْ بَاقِيَةً.
وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ حِصَصُ جَمِيعِهِمْ تَالِفَةً.
وَالثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ حِصَصُ بَعْضِهِمْ بَاقِيَةً وحصص بعضهم تالفة، فإن كانت حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَاقِيَةً فِي يَدِهِ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الزَّكَاةَ بِقِسْطِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ حِصَّةُ بَعْضِهِمْ بَاقِيَةً وَحِصَصُ الْبَاقِينَ تَالِفَةً أَخَذَ الزَّكَاةَ مِنَ الْحِصَّةِ الْبَاقِيَةِ وَرَجَعَ صَاحِبُهَا عَلَى مَا فِي يَدِ شُرَكَائِهِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ، وَفِيهَا وَجْهٌ آخَرُ: إِنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلْقِسْمَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الصَّدَاقِ، وَإِنْ كانت حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَالِفَةً نُظِرَ، فَإِنْ كان للميت تركة سوى الزكاة يتسع لِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْهَا أَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ لِأَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي ذِمَّتِهِ، فَكَانَ الرُّجُوعُ بِهَا فِي تَرِكَتِهِ أَوْلَى مِنَ الرُّجُوعِ بِهَا عَلَى وَرَثَتِهِ، وَإِنْ كَانَ تَلَفُ الْمَالِ الْمُزَكَّى مِنْ جِهَتِهِمْ، لأن أخذها من تركته أنقص كَمَا لَوْ تَرَكَ دَيْنًا وَعَيْنًا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِهَا فِيمَا تَرَكَ مِنَ الْعَيْنِ دُونَ مَا خلف دون الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمَيِّتُ سِوَى الثَّمَرَةِ الَّتِي اقْتَسَمَ بِهَا الْوَرَثَةُ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مُوسِرِينَ بِهَا أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرَ حِصَّتِهِ مِنْهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مُوسِرًا بِهَا وَبَعْضُهُمْ مُعْسِرًا أَخَذَ مِنَ الْمُوسِرِ، وَكَانَ دَيْنًا لِلْمُوسِرِ عَلَى شُرَكَائِهِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ كما لو بقيت حصة أحدهم.
: وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِلْوَرَثَةِ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْتَسِمُوا الثَّمَرَةَ.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَقْتَسِمُوهَا فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوهَا وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَعَلَى الْقَدِيمِ حَيْثُ مَنَعَ مِنَ الْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي لَا زَكَاةَ فِيهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَعَلَى الْجَدِيدِ حَيْثُ جَوَّزَ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ لِوُجُودِ الْخُلْطَةِ فِي نِصَابٍ، وَإِنِ اقْتَسَمُوهَا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَقْتَسِمُوهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ قِسْمَةً جَائِزَةً، فَقَدْ بَطَلَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ وَيُرَاعَى حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ، فَإِنْ بَلَغَتْ نِصَابًا فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَقْتَسِمُوهَا بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، فَعَلَى الْقَدِيمِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ، فَعَلَى هَذَا الْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَعَلَى الْجَدِيدِ عَلَيْهِمُ الزَّكَاةُ لِوُجُودِ الْخُلْطَةِ فِي نِصَابٍ، فَعَلَى هَذَا فِي قِسْمَتِهِمْ قَبْلَ أَدَاءِ زَكَاتِهَا وَجْهَانِ مُخرجَانِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الذِّمَّةِ أَوْ فِي الْعَيْنِ عَلَى مَا مَضَى.