قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا بَادَلَ إِبِلًا بإبلٍ أَوْ غَنَمًا بَغَنَمٍ أو بقراً ببقرٍ أو صنفاً بصنفٍ غَيْرِهَا فَلَا زَكَاةَ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى الثانية من يوم يملكها ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:
أَمَّا الْمُبَادَلَةُ فهو مبايعة الشيء بمثله، كما أن المناقلة من مُبَايَعَةُ الْأَرْضِ بِأَرْضٍ مِثْلِهَا، وَالْمُصَارَفَةُ، وَالْمُرَاطَلَةُ: هِيَ مُبَايَعَةُ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإِذَا بَادَلَ نِصَابًا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ بِنِصَابٍ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ وَقْتِ الْمُبَادَلَةِ سَوَاءٌ بَادَلَ جِنْسًا بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَاشِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْأَثْمَانِ اسْتَأْنَفَ، كَقَوْلِنَا، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَثْمَانِ مِثْلَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بَنَى، لأن الأثمان لا تتغير عِنْدَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ، إِنْ بَادَلَ جِنْسًا بِجِنْسٍ آخَرَ كَإِبِلٍ بِبَقَرٍ اسْتَأْنَفَ، وَإِنْ بَادَلَ جِنْسًا بِمِثْلِهِ كَإِبِلٍ بِإِبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ بِبَقَرٍ بَنَى عَلَى حَوْلِهِ، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " في أربعين شاةٍ شاةٌ وفي خمسٍ من الْإِبِلِ شَاةٌ " وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا بَادَلَ أَوْ لَمْ يُبَادِلْ، وَلِأَنَّهُ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ جِنْسٍ حَالَ حَوْلُهُ فَوَجَبَ أَنْ تَجِبَ زَكَاتُهُ، أصله ما لم يبدل بِهِ، قَالَ وَلِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ بَادَلَ سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فِي مَالِ التِّجَارَةِ بَنَى عَلَى الْحَوْلِ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ، فَكَذَلِكَ فِي غَيْرِ التِّجَارَةِ.
وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " لا زكاة على مالٍ حتى يحول عَلَيْهِ الْحَوْلُ " وَالْمَالُ الْحَاصِلُ بِالْمُبَادَلَةِ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ.
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا زَكَاةَ فِي مالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ عِنْدَ رَبِّهِ " وَهَذَا أَظْهَرُ نَصًّا وَأَنْفَى لِلِاحْتِمَالِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَوَجَبَ أن يكون حوله من يوم ملكه، (كما لو بادل إذا اتَّهَبَ أَوِ اشْتَرَى إِبِلًا بِذَهَبٍ، وَلِأَنَّهُ بَادَلَ ما تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ مَلْكِهِ) كَمَا لَوْ بَادَلَ جِنْسًا بِجِنْسٍ غَيْرِهِ، فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِالْعُمُومِ فَمَخْصُوصٌ بِمَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى مَا لَمْ يبادل فَالْمَعْنَى فِيهِ حُلُولُ الْحَوْلِ وَتَكَامُلُ النَّمَاءِ، وَأَمَّا مَالُ التِّجَارَةِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ: