وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " صَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَحُجُّوا بَيْتَ رَبِّكُمْ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ".
وَرَوَى أَبُو وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُ: مَا مِنْ رجلٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ، إِلَّا مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَتْبَعُهُ وَهُوَ يَفِرُّ مِنْهُ، حَتَّى يُطَوِّقَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {سَيُطَوَقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ) {آل عمران: 180) وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ فَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ ".
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أُمِرْتُ بِثَلَاثٍ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيُقِيمُوا الصلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ". وَرُوِيَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: " ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةٍ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ".
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَيُّمَا صَاحِبِ إبلٍ أَوْ بقرٍ وغنمٍ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا طُرِحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بقاعٍ فرقرٍ، تنطحه بقرونها، وتكأه بأظلافها، كلما بعدت أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا ".
فَهَذَا مِنْ طَرِيقِ السُّنَّةِ.
فَأَمَّا طَرِيقُ وُجُوبِهَا مِنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، فَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا قُبِرَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ كَفَرَ، وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ مَنِ امْتَنَعَ، فَهَمَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقِتَالِهِمْ، وَاسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ فِيهِمْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَيْفَ تُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، قَالَ: فَوَكَزَ أَبُو بَكْرٍ فِي صَدْرِي وَقَالَ: وَهَلْ هَذَا إِلَّا حَقُّ حَقِّهَا، وَاللَّهِ لَا فَرَّقْتُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَهُمَا فِي كِتَابِهِ، ثُمَّ قَالَ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا أَوْ عَنَاقًا مِمَّا أَعْطَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقاتلتهم عليه، قال عمر: وشرح الله تعالى صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَجْمَعَتِ الصَّحَابَةُ مَعَهُ عَلَى وُجُوبِهَا بَعْدَ مُخَالَفَتِهِمْ لَهُ، وَأَطَاعُوهُ عَلَى قِتَالِ مَانِعِيهَا بَعْدَ إِنْكَارِهِمْ عَلَيْهِ، فَثَبَتَ وُجُوبُهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.