الحاوي الكبير (صفحة 1031)

باب البكاء على الميت

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَأُرَخِّصُ فِي الْبُكَاءِ بِلَا نَدْبٍ وَلَا نياحةٍ لِمَا فِي النَّوْحِ مِنْ تَجْدِيدِ الْحُزْنِ وَمَنْعِ الصبر وعظيم الإثم وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه " وذكر ذلك ابن عباس لعائشة فَقَالَتْ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إن الله ليعذب الميت ببكاء أهله عليه " ولكن قال " إن الله يزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه " (قال) وقالت عائشة حسبكم القرآن {لا تَزِر وَازِرَة وِزْرَ أُخْرَى} وقال ابن عباس عند ذلك الله أضحك وأبكى (قال الشافعي) ما رَوَتْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أشبه بدلالة الكتاب والسنة قال الله جل وعز {لا تزرُ وَازِرَة وِزْرَ أُخْرَى} وقال {لِتُجْزَى كُلّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} وقال عليه السلام لرجل في ابنه " إنه لا تجنى عليك ولا تنجني عليه " وما زيد في عذاب الكافر فباستيجابه له لا بذنب غيره (قال المزني) بلغني أنهم كانوا يوصون بالبكاء عليه وبالنياحة أو بهما وهي معصيةٌ ومن أمر بها فعملت بعده كانت له ذنباً فيجوز أن يزاد بذنبه عذاباً - كما قال الشافعي - لا بذنب غيره ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ.

أَمَّا النَّوْحُ، وَالتَّعْدِيدُ، وَلَطْمُ الْخُدُودِ، وَالدُّعَاءُ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، فَكُلُّ ذَلِكَ مَحْظُورٌ حَرَامٌ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ لَعَنَ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ، وَنَهَى عَنِ الصِّيَاحِ وَالْمَأْتَمِ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " أَنْهَاكُمْ عَنْ صَوْتَيْنِ فَاجِرَيْنِ صَوْتٍ عند المصيبة، وصوت عند نغمةٍ " قيل: المراد به النياحة عند المصيبة، والمزمار عند النغمة.

وَرَوَتِ امْرَأَةُ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ أَوْ سَلَقَ " فالحلق هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015