إن النبوة اصطفاء خالص من الله تعالى يختص به من يشاء من عباده الذين توفرت فيهم صفاتها فهي لا تنال بالمجاهدة والمعاناة وتكلف أنواع العبادات أو الاجتهاد في تهذيب النفوس وتنقية الخواطر وتطهير الأخلاق بأنواع الرياضات النفسية والبدنية. فالإنسان يستطيع أن ينمي مواهبه المختلفة فيصبح رياضيا بارزا أو عالما مرموقا أو عابدا مخلصا غير أنه لا يستطيع بكل ذلك أن يكون نبيا رسولا؛ فالنبوة بذاتها مرتبة فوق مرتبة البشر العاديين؛ لأنها خارج الحدود التي يستطيعون الوصول إليها باجتهاداتهم فالذي يختاره الله تعالى يؤهل بعنصر لا يحتاج للبشر العاديين ذلك هو الاتصال بالله تعالى عن طريق الوحي قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} والوحي أمر إلهي محض لا أثر لسعي المرء في كسبه أو دفعه وبالتالي فالنبوة إلزامية غير كسبية، فلا ينالها الإنسان بالجهد الفكري أو الترقي الروحي والأخلاقي ولا عبرة في حصولها للقيم الدنيوية والاعتبارات المادية فالله تعالى قد اختص بالنبوة من شاء في الوقت الذي شاء وفقا لحكمته وعلمه ورحمته، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ