رابعا: إن الإنسان كائن اجتماعي لا يمكنه العيش منعزلا عما حوله من كائنات وموجودات فهو كذلك بحاجة إلى قواعد ونظم لترتيب حياته الفردية والاجتماعية والأسرية وبدون هذه النظم تصبح هذه العلاقات قائمة على الفوضى والتنازع، وارتباط هذه القوانين والنظم بالتشريع الإلهي يضمن لها الثبات والاستقرار؛ لأنها تصدر عن عليم بخلقه مدرك لمصالحهم إدراكا كاملا مطلقا أضف إلى ذلك أن الإنسان قد استقر في وجدانه أنه لا بد من حياة أخرى يجازى فيها الناس على أعمالهم في هذه الحياة الدنيا فكان مقتضى الحكمة أن يبين الله تعالى ذلك لخلقه.
خامسا: سبق أن بينا طبيعة الصلة بين الخالق والإنسان وذكرنا بأن الاتصال بين الله تعالى والإنسان يكون بواسطة الملائكة، ولكن لما كانت طبيعة الملائكة تختلف اختلافا كاملا عن البشر كان لا بد من وجود خصوصية في الصلة بين الملائكة وبين البشر؛ لذا قضى الله تعالى بحكمته البالغة أن يصطفي من البشر أفرادا ذوي طبيعة خاصة ويعدهم إعدادا خاصا للتكيف مع طبيعة الاتصال بالملائكة حتى تتنزل هذه الملائكة عليهم بأحكام الله تعالى وشرائعه.