الكمال الخلقي: تقتضي مهمة الرسول أن يتعامل مع أصناف مختلفة من البشر يمثلون مجمل الخصال البشرية حسنها وسيئها ونتيجة لطبيعة وظيفته فإن الرسول مأمور بتبليغ ما أرسل به للناس، وذلك يستلزم ضرورة أن يمكث فيهم ويصبر على أذاهم ويحتمل كل أنواع المضايقات التي تصدر من كثير منهم. وقد لبث نبي الله نوح عليه السلام 950 سنة يدعو قومه بالحوار والمجادلة الحسنة فما آمن معه مع ذلك إلا قليل قال الله تعالى حكاية عنه: {رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا} {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} وهكذا بقية الرسل عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم. فإذا كان الأمر كذلك لزم أن يكون الرسول على قدر عال من الكمال الخلقي حتى يصبح أهلا لتبليغ رسالته مع ما يلاقيه من المكاره.