أفاض القرآن في الإجابة على هذا السؤال، وأخبرتنا آياته أن للنصر والتمكين شروطًا، بها يُستدعى ويُستجلب، منها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد:11)، وقوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (محمد:7)،
وقوله: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} (آل عمران:120).
فلابد إذن من نصرة الله على نفوسنا، وتغيير ما بها، والانتقال من كل حال يغضب الله عز وجل إلى الحال الذي يرضيه ...
لابد من تغيير عميق يضرب في أعماق الأمة ويعيدها إلى الله إن أردنا الخروج من حالة التيه التي نمر بها.
ولكي يتغير حال الأمة من المرض إلى الصحة لابد من وجود من يأخذ بيدها، ويدلها على الدواء، ويعينها على تغيير ما تلبست به مما يغضب الله عز وجل.
لابد من جود طائفة أو جيل ينطلق وسط الأمة فيبث الروح والأمل، ويبين لها طريق الصلح مع الله، وبخاصة أن الأمة الإسلامية الآن مهيأة لذلك أكثر من أي وقت آخر، فلقد أسفر أعدؤها عما كانوا يعملون على إخفائه من عداوة وكراهية وحقد أسود. فآلات الذبح لإخواننا المسلمين تُجهزَّ أمام أعيننا، ومخططاتهم الرامية لتذويب شخصيتنا يخبروننا بها قبل تنفيذها إمعانًا في إذلالنا، والقضاء على أي أمل يراودنا ...
نعم، ليست الأمة كلها في غيبوبة، بل هناك عاطفة جياشة تجاه الإسلام، تتنامى بمرور الأيام، ولعل من تلك العاطفة: امتلاء المساجد بالشباب والشيوخ، والإقبال على حلقات القرآن، ودروس العلم، ومنها كذلك: انتشار الحجاب بين المسلمات.
عاطفة جيدة توجد الآن في ربوع الأمة، ولكنها وحدها لا تكفي، بل لابد من حُسن توجيهها إلى الاتجاه الصحيح .. اتجاه التغيير الحقيقي لما في النفس من جوانب عدة ليشمل التصورات والاهتمامات، والسر والعلن، والأقوال والأفعال .. تغييرًا يعيد تشكيل العقل، ويُمكِّن للإيمان في القلب، ويطرد منه حب الدنيا، فينعكس ذلك على السلوك بالمسارعة في الخيرات، والطمع في الدرجات العلى في الجنة، والتعلق بالله عز وجل، وقطع الطمع مما في أيدى الناس، مع بذل غاية الجهد في حُسن الإعداد، وامتلاك أسباب القوة.
هذه المهمة - مهمة توجيه العاطفة لإحداث التغيير الحقيقي في النفوس - تحتاج إلى مجهود ضخم، وتعاهد، ومتابعة .. وهنا يأتي دور الجيل الموعود، فهو الجيل المنوط به مهمة تغيير الأمة، وتهيئة أرضها لاستقبال المدد الإلهي.
نعم، إنها مهمة صعبة، ولن يكون الطريق إلى تحقيقها مفروشًا بالورود، فسيقف أمامها أهواء الناس، وحبهم للدنيا وعدم رغبتهم في التضحية ولو بشيء يسير منها، ولكن مع الإصرار ووجود القدوة الصالحة في أبناء جيل التغيير، ومع تأكد من حولهم من صدقهم وحرصهم على مصلحتهم وعدم طلبهم أجرًا وراء أفعالهم .. كل ذلك وغيره من شأنه أن يُعيد الأمة إلى الله شيئًا فشيئًا، وبخاصة إذا ما انتهج أبناء الجيل الموعود أسلوب الحكمة في الدعوة، وتقديم مفهوم التغيير للناس بصورة محببة ومبسطة يستطيعها الجميع.
على قدر الجهد الذي سيبذله أبناء الجيل الموعود في إيقاظ الأمة، وبث الروح فيها وحُسن توجيه عاطفتها تجاه التغيير الحقيقي والصلح مع الله .. على قدر ذلك كله يكون المدد والتأييد من الله عز وجل، والذي سيأتي حتمًا لتبدأ تباشير الفجر في البزوغ، وتشرق شمس الإسلام من جديد في أجزاء متفرقة من الأمة.
فماذا سيحدث عند ذلك؟