عَدْلٌ رِضيً في الحُكمِ بَرٌّ له ... بطاعةِ اللهِ اَجلٌّ اعتصامْ
حَوى سَدادَ الرأيِ في مَوطِنٍ ... بسعدِه أرجاؤه لا تُضامْ
للهِ ثَغرٌ حاطَةُ سَعدُهُ ... وجأشُ قلبٍ يَقِظٍ لا يَينامْ
يَفْعَلُ في يوم الوغي بأسُه ... أضعافَ ما يَفْغلُ جيشٌ لُهامْ
أَرْوعُ يُحْبي الرَّوعَ أعداؤهُ ... وعزمة تَجْلو الخطوبَ العظامْ
فدامَ مَحْميَّ الحِمَى ظافراً ... وللعِدى لا زالَ دَأباً سِمامْ
ومثله أيده الله من بالقبول وصله، ولاستحسانه والاشتمال كما هو أهله أهَّله. إذ حلَّ عند من علم، مذ نشأ، مقداره وحقَّه. وجعل إلى تشييد معالمه الكريمة تقدُّمه وسبقه، ونشر ما طواه من غلبت شهوات الدنيا على عقله. ولم يشغل نفسه باستماع آي رشده ونقله، فإنه يروق العيون اطَّلاعه، ويستحسن غاية الاستحسان استماعه، ينتفع به الناشئ والشَّادي، ويزدان به النادي، ويقول بفضله الحاضر والبادي، وكيف لا يكون ذلك كذلك وفيه ذكر أبرار، ذكرهم يرضي الرحمن، ويرغم الشيطان؟ بهم قام دين الله وظهر، وانتشر في الآفاق واشتهر، أزكياء عدول، ما لهم عن الحقِّ عدول. فهو بحمد الله تأليف صحَّت من الصحائح آثاره، وطابت بالانتخاب من كتب التواريخ أخباره، وما اطَّلع على ما حواه من فقيه سنِّي لحن، أو عارف أديب، أريب فطن، بان له صحة ما أقول، والحق لا تنكره العقول:
للهِ دَرُّ مُنصفٍ الحسدْ! ... فهْوَ مُبيرٌ للأُجورِ والجسدْ
والحقُّ خيرُ مَنْهَج يُتَّبعُ ... به الإلهُ الدَّرجاتِ يرفعُ
والكذب المكروهُ شَرُّ خَلَّةْ ... تولي الذي بها يَدينُ ذِلَّهْ
وهانَ في الناسِ امرؤ كذابُ ... كأنَّهُ ما بيْنَهُم ذُبابُ