قد روى أيمنُ بن خُريم عن النبي عليه السلامُ. أما أنا فما وجدتُ له روايةً إلا عن أبيه وعمه. وحدَّث محمدُ بن حازم أبو معاوية الضريرُ السُّلميُّ مَولى لهم عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشعبيِّ، قال: أريل مَروان إلى أيمن بن خُريم: ألا تتَّبعُنا على ما نحن فيه؟ فقال: إن أبي وعمي شهدا بدراً، وإنهما عَهدا إليَّ ألا أقاتل رجلاً يَشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وأنَّ محمداً رسولُ الله. فإن جئتني ببراءةٍ من النار فأنا معك. فقال: لا حاجةَ لنا في معونتك. فخرج وهو يقول:

ولستُ بقاتلٍ رجلاً يصلِّي ... على سُلطانِ آخرَ من قُريشِ

لهُ سلطانُهُ وعليَّ إثمي ... معاذَ الله من سَفَهٍ وَطيشِ

وطلب مروان من أيمن الاتباع حين خروجه إلى مرج راهطٍ حيث قُتل الضحاك ابن قيس الفهريُّ. وكان أيمن أبرص، وكان مع بني مروان يُسامرهم ويُؤاكلهم. ذكر ذلك ابن قتيبة في " المعارف ". وقال: أيمن بن خريم، وأحسن فيما قال وأجاد:

إذا المرءُ وفَّى الأربعين ولم يكن ... له دونَ ما يأتي حياءٌ ولا سِتْرُ

فدعْهُ ولا تَنْبِسْ عليه الذي ارتأى ... وإن جدَّ أسباب الحياة له العُمْرُ

ومن بني غاضرة بن مالك بن ثعلب بن دودان زرُّ بن حبيش بن حباشة: يكنى أبا مريم، أدرك الجاهلية، ولم يرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. وهو من جلَّة التابعين، ومن كبار أصحاب ابن مسعود. أدرك أبا بكر وعمر، وروى عن عمر وعلي. روى عنه الشعبيُّ وإبراهيم النخعيُّ، وكان عالماً بالقرآن، قارئاً فاضلاً. قرأ على عثمان وابن مسعود. وهو من رجال عاصم بن بهدله؛ أحد القراء السَّبعة. وتوفي سنة ثلاث وثمانين، وهو ابن مئة وعشرين وكان أسنَّ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015