أَوْصَى ذِمِّيٌّ إلَى مُسْلِمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى الْمُسْلِمُ إلَى الذِّمِّيِّ جَازَ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الذِّمِّيِّ فَهِيَ بَاطِلَةٌ

قَوْلُهُ (وَمَنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ نَفْسِهِ وَفِي الْوَرَثَةِ كِبَارٌ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ) لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْكِبَارِ لِأَنَّ فِي مَنْعِهِ لِلْكِبَارِ أَنْ يَبِيعُوهُ فَيَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ يَعْنِي أَنَّ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ فِيهِ الْمُشْتَرَى فَيَعْجِزُ عَنْ الْوَفَاءِ بِحَقِّ الْوَصِيَّةِ، وَأَمَّا إذَا كَانُوا كُلُّهُمْ صِغَارًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَرَثَةِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِمْ وَمَنَافِعُهُ مُسْتَحَقَّةٌ لَهُمْ فَجَازَتْ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ كَالْحُرِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَبْدُ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِمَوْلَاهُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى صَرْفِهَا إلَى الْوَرَثَةِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُنْعَدِمَةٌ لِمَا أَنَّ الرِّقَّ يُنَافِيهَا وَلِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ الْوِلَايَةِ لِلْمَمْلُوكِ عَلَى الْمَالِكِ وَهَذَا عَكْسُ الْمَشْرُوعِ وَإِنْ أَوْصَى إلَى مُكَاتَبِهِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا أَوْ كِبَارًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ فَإِنْ أَدَّى وَعَتَقَ مَضَى الْأَمْرُ وَإِنْ عَجَزَ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَبْدِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا

قَوْلُهُ (وَمِنْ أَوْصَى إلَى مَنْ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ بِالْوَصِيَّةِ ضَمَّ إلَيْهِ الْقَاضِي غَيْرَهُ) رِعَايَةً لِحَقِّ الْمُوصِي وَالْوَرَثَةِ لِأَنَّ تَكْمِيلَ النَّظَرِ يَحْصُلُ بِضَمِّ الْآخَرِ إلَيْهِ فَلَوْ شَكَا إلَيْهِ الْوَصِيُّ ذَلِكَ لَا يُجِيبُهُ حَتَّى يَعْرِفَ ذَلِكَ حَقِيقَةً لِأَنَّ الشَّاكِيَ قَدْ يَكُونُ كَاذِبًا تَخْفِيفًا عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ ظَهَرَ عِنْدَ الْقَاضِي عَجْزُهُ أَصْلًا اسْتَبْدَلَ بِهِ غَيْرَهُ رِعَايَةً لِلنَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ

قَوْلُهُ (وَمَنْ أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ دُونَ صَاحِبِهِ) إلَّا فِي أَشْيَاءَ نُبَيِّنُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ سَبِيلُهَا الْوِلَايَةُ وَهِيَ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ لَا يَتَجَزَّأُ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا كَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ لِلْأَخَوَيْنِ وَلَهُمَا أَنَّ الْوِلَايَةَ تَثْبُتُ بِالتَّفْوِيضِ فَيُرَاعَى وَصْفُ التَّفْوِيضِ وَهُوَ وَصْفُ الِاجْتِمَاعِ وَهُوَ شَرْطٌ مُقَيَّدٌ بِرِضَا الْمُوصَى وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِالْمُثَنَّى وَلَيْسَ الْوَاحِدُ كَالْمُثَنَّى بِخِلَافِ الْأَخَوَيْنِ فِي الْإِنْكَاحِ لِأَنَّ السَّبَبَ هُنَاكَ الْقَرَابَةُ وَقَدْ قَامَتْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَامِلًا.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي شِرَاءِ الْكَفَنِ لِلْمَيِّتِ وَتَجْهِيزِهِ) لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ فَسَادَ الْمَيِّتِ وَفِي انْتِظَارِ أَحَدِهِمَا لِصَاحِبِهِ فِي شِرَاءِ الْكَفَنِ تَأْخِيرٌ لِدَفْنِهِ وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِتَعْجِيلِ دَفْنِهِ قَوْلُهُ (وَطَعَامِ الصِّغَارِ وَكِسْوَتِهِمْ) يَعْنِي الصِّغَارَ مِنْ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ مَوْتَهُمْ جُوعًا أَوْ عُرْيًا فَتَسْقُطُ وِلَايَةُ الْغَائِبِ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ (وَرَدِّ وَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا) وَكَذَا رَدُّ الْعَوَارِيِّ وَالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا وَكَذَا رَدُّ الْمَغْصُوبِ وَالْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَحِفْظُ الْمَالِ وَقَضَاءُ الدُّيُونِ.

قَوْلُهُ (وَقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ) يَعْنِي لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا جَازَ وَوَقَعَ عَنْ الْقَضَاءِ فَكَذَا إذَا أَخَذَهُ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَكَذَا الْوَدِيعَةُ لَوْ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا بِغَيْرِ تَسْلِيمٍ مِنْهُمَا جَازَ فَكَذَا إذَا أَخَذَهَا بِتَسْلِيمِ أَحَدِهِمَا قَوْلُهُ (وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ عِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الرَّأْيِ قَوْلُهُ (وَالْخُصُومَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ) لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ فِيهَا مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّهَا لَا تَتَأَتَّى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015