أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ فَقُلْنَا هُوَ رَقِيقٌ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِلْأَبِ فِي الْإِسْلَامِ وَرَقِيقٌ فِي الْحُكْمِ تَبَعًا لِلْأُمِّ وَالْمُسْلِمُ قَدْ يَكُونُ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ فَإِنَّهُ حُرٌّ لِانْعِدَامِ الْجُزْئِيَّةِ قَوْلُهُ (وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ حَرْبِيُّونَ وَلَا تَبَعِيَّةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى حُكْمِ أَنْفُسِهِمْ وَمَنْ قَاتَلَ مِنْ عَبِيدِهِ فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَمَرَّدَ عَلَى مَوْلَاهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَصَارَ تَبَعًا لِأَهْلِ الْحَرْبِ
قَوْلُهُ (وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَاع السِّلَاحُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ) لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَى قِتَالِنَا لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْحَرْبِ وَكَذَا الْحَدِيدُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ السِّلَاحِ وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَيْنَا وَكَذَا لَا يُبَاع مِنْهُمْ رَقِيقُ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ وَلَوْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا فَاشْتَرَى سِلَاحًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ إدْخَالِهِ إلَيْهِمْ قَوْلُهُ (وَلَا يُفَادَوْنَ بِالْأُسَارَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) يَعْنِي لَا يُفَادَى أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ بِأُسَارَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةَ الْكُفَّارِ عَلَيْنَا وَدَفْعَ شَرِّ حَرْبِهِ خَيْرٌ مِنْ اسْتِنْفَاذِ أَسِيرِنَا قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَادَى بِهِمْ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ فِيهِ تَخْلِيصَ الْمُسْلِمِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَتْلِ الْكَافِرِ، وَأَمَّا مُفَادَاةُ أُسَارَى الْمُشْرِكِينَ بِمَالٍ نَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَلَا يَجُوزُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعُونَةِ لَهُمْ بِمَا يَخْتَصُّ بِالْحَرْبِ وَالْقِتَالِ فَصَارَ كَبَيْعِ السِّلَاحِ مِنْهُمْ بِالْمَالِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ اسْتِدْلَالًا بِأُسَارَى بَدْرٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُفَادَى الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْفَانِيَةُ بِالْمَالِ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى مِنْهُمَا الْوَلَدُ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَلَا يُفَادَى بِهِمْ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ الْمُسْلِمُونَ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّيْخَ الْفَانِيَ لَا قِتَالَ فِيهِ وَلَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ فَلَيْسَ فِي رَدِّهِ إلَيْهِمْ مَعُونَةٌ لَهُمْ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَفِي رَدِّهِمْ مَعُونَةٌ لَهُمْ لِأَنَّ الصِّبْيَانَ يَبْلُغُونَ فَيُقَاتِلُونَ وَالنِّسَاءَ يَلِدْنَ فَيَكْثُرُ نَسْلُهُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وَكَذَلِكَ الْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ إذَا أَخَذْنَاهُ مِنْهُمْ فَطَلَبُوا مُفَادَاتَهُ بِالْمَالِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ مَعُونَةً لَهُمْ بِمَا يَخْتَصُّ بِالْقِتَالِ
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ) (الْمَنُّ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْأُسَارَى بِأَنْ يُطْلِقَهُمْ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَلَا جِزْيَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَسْرِ ثَبَتَ حَقُّ الِاسْتِرْقَاقِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَأَمَّا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَبِي الطَّبَرَانِيَّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ قَوْلُهُ (وَإِذَا) (فَتَحَ الْإِمَامُ بَلَدًا عَنْوَةً) أَيْ قَهْرًا (فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ) كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ قَوْلُهُ (وَإِنْ شَاءَ أَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَيْهَا وَوَضَعَ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةَ وَعَلَى أَرَاضِيِهِمْ الْخَرَاجَ) كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِسَوَادِ الْعِرَاقِ بِمُوَافَقَةِ الصَّحَابَةِ وَقِيلَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَسِّمَهَا عِنْدَ حَاجَةِ الْغَانِمِينَ وَأَنْ يَتْرُكَ قِسْمَتَهَا عِنْدَ عَدَمِ حَاجَتِهِمْ وَهَذَا فِي الْعَقَارِ أَمَّا فِي الْمَنْقُولِ فَلَا يَجُوزُ الْمَنُّ بِرَدِّهِ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ (وَهُوَ فِي الْأُسَارَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ) إلَّا أَنْ يُسْلِمُوا لِأَنَّ فِي قَتْلِهِمْ حَسْمَ مَادَّةِ الْفَسَادِ إذَا رَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ لِمَا يَخَافُ مِنْ غَدْرِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ (وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ) سَوَاءٌ أَسْلَمُوا أَوْ لَمْ يُسْلِمُوا إذَا كَانُوا مِمَّنْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ الْعَرَبِ وَأَيُّ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ أَسِيرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسِمُوا وَقَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةٍ وَلَا قِيمَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَإِنْ قَسَّمَهُمْ الْإِمَامُ أَوْ بَاعَهُمْ حُرِّمَتْ دِمَاؤُهُمْ فَإِنْ قَتَلَهُمْ قَاتِلٌ غَرِمَ قِيمَتَهُمْ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا قَتَلَهُمْ خَطَأً لِأَنَّ الْقِسْمَةَ وَالْبَيْعَ تَقْرِيرٌ لِلرِّقِّ فِيهِمْ وَإِسْقَاطٌ لِحُكْمِ الْقَتْلِ