/ وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَهَذَا إكْرَاهٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كِتَابُ السِّيَرِ]

[الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ]

(كِتَابُ السِّيَرِ)

هُوَ جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ فِي الْأُمُورِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الِاقْتِدَاءِ بِمَا يَخْتَصُّ بِسِيرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَغَازِيهِ وَالسِّيَرُ هَا هُنَا هُوَ الْجِهَادُ لِلْعَدُوِّ وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] أَيْ فُرِضَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ شَاقٌّ عَلَيْكُمْ وقَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وقَوْله تَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39] أَيْ لَا يَكُونَ شِرْكٌ {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ فَرِيقٌ مِنْ النَّاسِ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ) يَعْنِي إذَا كَانَ بِذَلِكَ الْفَرِيقِ كِفَايَةٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِمْ كِفَايَةٌ فُرِضَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ الْعَدُوِّ إلَى أَنْ تَقَعَ الْكِفَايَةُ قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ أَحَدٌ أَثِمَ جَمِيعُ النَّاسِ بِتَرْكِهِ) لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْكُلِّ إلَّا أَنَّ فِي اشْتِغَالِ الْكُلِّ بِهِ قَطْعَ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ بُطْلَانِ الزِّرَاعَةِ وَمَنَافِعِ الْمَعِيشَةِ

[وُجُوبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ]

قَوْلُهُ (وَقِتَالُ الْكُفَّارِ وَاجِبٌ عَلَيْنَا وَإِنْ لَمْ يَبْدَءُونَا) لِأَنَّ قِتَالَهُمْ لَوْ وُقِفَ عَلَى مُبَادَأَتِهِمْ لَنَا لَكَانَ عَلَى وَجْهِ الدَّفْعِ وَهَذَا الْمَعْنَى يُوجَدُ فِي الْمُسْلِمِينَ إذَا حَصَلَ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ الْأَذِيَّةُ وَقِتَالُ الْمُشْرِكِينَ مُخَالِفٌ لِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ

[عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجِهَادِ]

قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ الْجِهَادُ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا عَبْدٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا أَعْمًى وَلَا مُقْعَدٍ وَلَا أَقْطَعَ) لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُمَا وَالْعَبْدُ لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْمَوْلَى؛ وَلِأَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْحَجِّ وَالْجُمُعَةِ وَهُمَا مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ وَالْمَرْأَةُ يَسْقُطُ عَنْهَا فَرْضُ الْجُمُعَةِ فَسُقُوطُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ عَنْهَا أَوْلَى وَالْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَالْأَقْطَعُ عَاجِزُونَ وَلِهَذَا سَقَطَ عَنْهُمْ فَرْضُ الْحَجِّ وَسَوَاءٌ كَانَ أَقْطَعَ الْأَصَابِعِ أَوْ أَشَلَّ؛ وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي الْقِتَالِ إلَى يَدٍ يَضْرِبُ بِهَا وَيَدٍ يَتَّقِي بِهَا فَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ فِي الْقِتَالِ خَرَجَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّهِ وَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِهِ

قَوْلُهُ (فَإِنْ هَجَمَ الْعَدُوُّ عَلَى بَلَدٍ وَجَبَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ الدَّفْعُ تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَالْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَرْضَ عَيْنٍ وَمِلْكُ الْيَمِينِ وَرِقُّ النِّكَاحِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي حَقِّ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ

قَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ دَارَ الْحَرْبِ فَحَاصَرُوا مَدِينَةً أَوْ حِصْنًا دَعَوْهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوهُمْ كَفُّوا عَنْ قِتَالِهِمْ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ قَوْلُهُ (وَإِنْ امْتَنَعُوا دَعَوْهُمْ إلَى أَدَاءِ الْجِزْيَةِ) يَعْنِي فِي حَقِّ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ احْتِرَازًا عَنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: 16] قَوْلُهُ (فَإِنْ بَذَلُوهَا) أَيْ قَبِلُوهَا (فَلَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْهِمْ) أَيْ يَكُونُ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ كَدِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ قَوْلُهُ (وَإِنْ امْتَنَعُوا قَاتَلُوهُمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَعْذَرُوا إلَيْهِمْ فَأَبَوْا فَوَجَبَ قِتَالُهُمْ

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاتِلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْعُوَهُمْ) فَإِنْ قَاتَلُوهُمْ قَبْلَ الدَّعْوَةِ أَثِمُوا وَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015