الْخَارِجُ وَصَاحِبُ الْيَدِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَيِّنَةً بِالنِّتَاجِ فَصَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى) وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ عِيسَى بْنُ أَبَانَ أَنَّهُ تَتَهَاتَرُ الْبَيِّنَتَانِ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ تُقْبَلُ عِنْدَ ابْنِ أَبَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَنَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ النَّسْجُ فِي الثِّيَابِ الَّتِي لَا تُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً) كَغَزْلِ الْقُطْنِ (وَكُلُّ سَبَبٍ فِي الْمِلْكِ لَا يَتَكَرَّرُ) كَالْأَوَانِي إذَا كُسِرَتْ لَا تَعُودُ وَأَمَّا الَّتِي تَتَكَرَّرُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ لِلْخَارِجِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَذَلِكَ مِثْلُ الثَّوْبِ الْمَنْسُوجِ مِنْ الشَّعْرِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَإِنْ أَشْكَلَ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ قَضَى بِهِ لِلْخَارِجِ وَكُلُّ مَا يُصْنَعُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَالزُّجَاجِ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ النِّتَاجِ وَإِنْ كَانَ حُلِيًّا قَضَى بِهِ لِلْخَارِجِ لِأَنَّ الْحُلِيَّ يُصَاغُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى قَوْلُهُ (فَإِنْ أَقَامَ الْخَارِجُ بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَصَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْأُولَى إنْ كَانَتْ أَثْبَتَتْ أَوَّلِيَّةَ الْمِلْكِ فَهَذَا تَلْقَى مِنْهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ الْآخَرِ وَلَا تَارِيخَ مَعَهُمَا تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ) أَيْ تَسَاقَطَتَا وَبَطَلَتَا وَتُرِكَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: اقْضِ بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَاجْعَلْ الْخَارِجَ هُوَ الَّذِي اشْتَرَاهُ آخِرًا فَيَكُونُ لَهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً فَهُمَا سَوَاءٌ) لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَرْبَعَةِ كَشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ قَوْلُهُ (وَمَنْ ادَّعَى قِصَاصًا عَلَى غَيْرِهِ فَجَحَدَ اُسْتُحْلِفَ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَإِنْ نَكَلَ فِي النَّفْسِ حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ فِيهِمَا) لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ عِنْدَهُمَا فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْقِصَاصُ وَيَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَطْرَافَ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ
قَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ قِيلَ: لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلًا بِنَفْسِك ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا أُمِرَ بِمُلَازَمَتِهِ) كَيْ لَا يَذْهَبَ حَقُّهُ وَقَوْلُهُ حَاضِرَةٌ أَيْ فِي الْمِصْرِ حَتَّى لَوْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي أَوْ شُهُودِي غُيَّبٌ لَا يَكْفُلُ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَامِلِ وَالْوَجِيهِ وَالْحَقِيرِ