لَهُ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمِيرَاثُهُ لِلْمَوْلَى) يَعْنِي الَّذِي عَاقَدَهُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ فَهُوَ أَوْلَى مِنْهُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَلَوْ كَانَتْ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
(قَوْلُهُ: وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ بِوِلَايَةٍ إلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ الْأَعْلَى) يَعْنِي الْأَسْفَلَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ الْأَعْلَى لِأَنَّهُ فَسْخٌ حُكْمِيٌّ بِمَنْزِلَةِ الْعَزْلِ لَحُكْمِيِّ فِي الْوَكَالَةِ وَلَيْسَ لِلْأَعْلَى وَلَا لِلْأَسْفَلِ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْوَلَاءِ قَصْدًا بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْوَكِيلِ ثُمَّ الْفَسْخُ عَلَى ضَرْبَيْنِ فَسْخٌ مِنْ طَرِيقِ الْقَوْلِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ فَسَخْت الْوَلَاءَ مَعَك وَإِنَّمَا يَصِحُّ بِحَضْرَتِهِ وَفَسْخٌ مِنْ طَرِيقِ الْفِعْلِ وَهُوَ أَنْ يَعْقِدَ الْأَسْفَلُ مَعَ آخَرَ بِحَضْرَةِ الْأَوَّلِ وَبِغَيْرِ حَضْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَقَلَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوَلَائِهِ إلَى غَيْرِهِ) لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِمَوْلَى الْعَتَاقَةِ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا) لِأَنَّ وَلَاءَ الْعِتْقِ فَرْعُ النَّسَبِ، وَالنَّسَبُ إذَا ثَبَتَ مِنْ وَاحِدٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى وَلَاءُ الْمُوَالَاةِ يُخَالِفُ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ فِي فُصُولٍ أَحَدُهَا أَنَّ فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ يَتَوَارَثَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ، وَالثَّانِي أَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَوَلَاءُ الْعَتَاقَةِ لَا يَحْتَمِلُهَا، وَالثَّالِثُ أَنَّ وَلَاءَ الْمُوَالَاةِ مُؤَخَّرٌ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَوَلَاءُ الْعَتَاقَةِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمْ.
(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)
الْجِنَايَةُ فِي اللُّغَةِ التَّعَدِّي، وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلٍ وَاقِعٍ فِي النُّفُوسِ، وَالْأَطْرَافِ وَيُقَالُ الْجِنَايَةُ مَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ بِغَيْرِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي وَهِيَ تَعُمُّ الْأَنْفُسَ، وَالْأَطْرَافَ، وَالْأَمْوَالَ إلَّا أَنَّ اسْمَهَا اخْتَصَّ بِالْأَنْفُسِ فِي تَعَارُفِ أَهْلِ الشَّرْعِ؛ وَلِهَذَا سَمَّى الْفُقَهَاءُ التَّعَدِّيَ فِي الْأَنْفُسِ جِنَايَةً، وَالتَّعَدِّيَ فِي الْأَمْوَالِ غَصْبًا وَإِتْلَافًا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْقَتْلُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ عَمْدٍ وَشِبْهِ وَعَمْدٍ وَخَطَأٍ وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَأِ، وَالْقَتْلُ بِسَبَبٍ) وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ عَمْدٍ وَشَبَهِ عَمْدٍ وَخَطَأٍ وَإِنَّمَا زَادَ الشَّيْخُ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِبَيَانِ حُكْمِهِمَا وَإِنْ دَخَلَا فِي حُكْمِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ: عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ يَعْنِي الْقَتْلَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَإِلَّا فَأَنْوَاعُهُ أَكْثَرُ كَالْقَتْلِ الَّذِي هُوَ رَجْمٌ وَقَتْلِ الْحَرْبِيِّ، وَالْقَتْلِ قِصَاصًا، وَالْقَتْلِ صَلْبًا لِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتُقْبَلُ التَّوْبَةُ مِنْهُ فَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ التَّوْبَةِ مِنْهُ لَا يَتَحَتَّمُ دُخُولُهُ النَّارَ بَلْ هُوَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ كَسَائِرِ الْكَبَائِرِ فَإِنْ دَخَلَهَا لَمْ يُخَلَّدْ فِيهَا.
قَوْلُهُ: (فَالْعَمْدُ مَا تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِسِلَاحٍ أَوْ مَا أُجْرِيَ مُجْرَى السِّلَاحِ فِي تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ كَالْمُحَرَّرِ مِنْ الْخَشَبِ، وَالْحَجَرِ، وَالنَّارِ) الْعَمْدُ مَا تَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِالْحَدِيدِ كَالسَّيْفِ، وَالسِّكِّينِ، وَالرُّمْحِ، وَالْخَنْجَرِ، وَالنُّشَّابَةِ، وَالْإِبْرَةِ، وَالْأَشْفَارِ وَجَمِيعِ مَا كَانَ مِنْ الْحَدِيدِ سَوَاءٌ كَانَ يَقْطَعُ أَوْ يُبْضِعُ أَوْ يَرُضُّ كَالسَّيْفِ وَمِطْرَقَةِ الْحَدَّادِ، وَالزَّبْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْغَالِبُ أَمْنَهُ الْهَلَاكَ أَمْ لَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْحَدُّ فِي الْحَدِيدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِلْقَتْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: 25] وَكَذَا كُلُّ مَا يُشْبِهُ الْحَدِيدَ كَالصُّفْرِ، وَالرَّصَاصِ، وَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ سَوَاءٌ كَانَ يُبْضِعُ أَوْ يَرُضُّ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بِالْمُثَقَّلِ مِنْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَمَا إذَا ضَرَبَهُ بِعَمُودٍ مِنْ صُفْرٍ أَوْ رَصَاصٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا أُجْرِيَ مُجْرَى السِّلَاحِ فِي تَفْرِيقِ الْأَجْزَاءِ كَالزُّجَاجِ، وَاللِّيطَةِ، وَالْحَجَرِ الْمُحَدَّدِ وَكُلِّ مَا كَانَ يَقَعُ بِهِ الذَّكَاةُ إذَا قَتَلَهُ بِهِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَإِنْ ضَرَبَهُ بِمِزْرَاقٍ فَقَتَلَهُ إنْ أَصَابَهُ الْعُودُ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ أَصَابَهُ الْحَدِيدُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَإِنْ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ فَغَرِقَ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إذَا كَانَ الْمَاءُ لَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ لِأَنَّهُ كَالْقَتْلِ بِالنَّارِ قَالَ