الِاسْتِيلَادُ طَلَبُ الْوَلَدِ وَهُوَ فَرْعُ النَّسَبِ فَإِذَا ثَبَتَ الْأَصْلُ ثَبَتَ فَرْعُهُ فَكُلُّ مَمْلُوكَةٍ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِكٍ لَهَا أَوْ لِبَعْضِهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَكَذَا إذَا ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِ مَمْلُوكَةٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ حِينِ مَلَكَهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذَا اسْتَوْلَدَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ مَوْلَاهَا فَقَدْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ سِقْطًا قَدْ اسْتَبَانَ خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ إذَا أَقَرَّ بِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ الْحَيِّ الْكَامِلِ الْخَلْقِ لِأَنَّ السِّقْطَ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الْوِلَادَةِ بِدَلَالَةِ الْعِدَّةِ بِهِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تَمْلِيكُهَا وَلَا هِبَتُهَا) يَعْنِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ غَيْرِهَا أَمَّا لَوْ بَاعَهَا مِنْ نَفْسِهَا جَازَ وَتَعْتِقُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ رَهْنُهَا لِأَنَّ فَائِدَةَ الرَّهْنِ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ رَقَبَتِهَا بِبَيْعِهَا وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَلَهُ وَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا وَإِجَارَتُهَا وَتَزْوِيجُهَا) لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا قَائِمٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ) قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا وَحَصَّنَهَا وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَنْفِيَهُ وَيَجِبُ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ وَإِنْ عَزَلَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يُحْصِنْهَا جَازَ لَهُ نَفْيُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاعْتِرَافُ بِالشَّكِّ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَعْتِقَهَا فَإِذَا مَاتَ أَعْتَقَهَا لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْوَجْهَيْنِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ لِئَلَّا يُسْتَرَقَّ بِالشَّكِّ، وَمَنْ تَزَوَّجَ مَمْلُوكَةَ غَيْرِهِ فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَأَمَّا وَلَدُهَا الَّذِي يَحْدُثُ بَعْدَ اسْتِيلَادِهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا إذَا مَلَكَهُ فَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَقَالَ زُفَرُ: إذَا مَلَكَهُ صَارَ ابْنَ أُمِّ وَلَدٍ وَأَمَّا الْوَلَدُ الَّذِي تَجِيءُ بِهِ مِنْ الْغَيْرِ بَعْدَ مِلْكِ الْمَوْلَى إيَّاهَا فَهُوَ ابْنُ أُمِّ وَلَدٍ إجْمَاعًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ بِغَيْرِ إقْرَارٍ مِنْهُ) مَعْنَاهُ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا نَفَاهُ انْتَفَى بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ فِرَاشَهَا ضَعِيفٌ حَتَّى يَمْلِكَ نَقْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ بِخِلَافِ الْمَنْكُوحَةِ حَيْثُ لَا يَنْتَفِي وَلَدَهَا بِنَفْيِهِ إلَّا بِاللِّعَانِ لِتَأَكُّدِ فِرَاشِهَا. قَوْلُهُ: (فَإِنْ زَوَّجَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ أُمِّهِ) لِأَنَّ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ يَسْرِي إلَى الْوَلَدِ كَالتَّدْبِيرِ، وَالنَّسَبِ يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَيَعْتِقُ بِهِ الْوَلَدُ وَتَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى عَتَقَتْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ لِلْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ عَلَى الْمَوْلَى دَيْنٌ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ حَتَّى لَا تَضْمَنَ بِالْغَصْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَسْعَى لِلْوَرَثَةِ، وَلِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ مَوْتِ مَوْلَاهُ وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ لَا قِيمَةَ لِرَقَبَتِهَا لِأَنَّهَا لَا تَسْعَى لِلْوَرَثَةِ؛ وَلِهَذَا إذَا كَانَتْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا لَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا وَلَمْ تَسْعَ فِي نَصِيبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ قَالَ فِي الْمُصَفَّى: قِيمَةُ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَهُمَا ثُلُثُ قِيمَةِ الْقِنِّ وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ ثُلُثُ قِيمَةِ الْقِنِّ وَقِيلَ نِصْفُ قِيمَةِ الْقِنِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا قِيمَةَ لِأُمِّ الْوَلَدِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْعَى فِي قِيمَتِهَا وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ حَتَّى تُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ.
وَقَالَ زُفَرُ: تَعْتِقُ فِي الْحَالِ، وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا عَرَضَ عَلَى الْمَوْلَى