وَعِنْدَهُمَا حُرَّةٌ مَدْيُونَةٌ.
(قَوْلُهُ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَخْرُجُ نَهَارًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ وَلَا تَبِيتُ عَنْ مَنْزِلِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ نَهَارًا لِطَلَبِ الْمَعَاشِ وَقَدْ يَمْتَدُّ ذَلِكَ إلَى هُجُومِ اللَّيْلِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ وَبَعْضَ اللَّيْلِ يَعْنِي مِقْدَارَ مَا تَسْتَكْمِلُ حَوَائِجَهَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تَبِيتُ فِي مَنْزِلِهَا أَكْثَرَ اللَّيْلِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَعْتَدَّ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهَا بِالسُّكْنَى حَالَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ) هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمَّا إذَا كَانَ بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا فَلَا بُدَّ مِنْ سُتْرَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ؛ لِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ وَلَا تَخْرُجُ عَمَّا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ هُوَ وَيَتْرُكَهَا وَإِنْ جَعَلَا بَيْنَهُمَا امْرَأَةً ثِقَةً تَقْدِرُ عَلَى الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا فَحَسَنٌ وَإِنْ ضَاقَ بِهَا الْمَنْزِلُ خَرَجَتْ وَلَا تَنْتَقِلُ عَمَّا تَخْرُجُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ دَارِ الْمَيِّتِ يَكْفِيهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ) بِأَنْ يَنْهَدِمَ الْبَيْتُ أَوْ كَانَتْ فِي الرُّسْتَاقِ فَخَافَتْ اللُّصُوصَ أَوْ الظُّلْمَةَ فَلَا بَأْسَ بِالِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهَا مِنْ دَارِ الْمَيِّتِ لَا يَكْفِيهَا فَأَخْرَجَهَا الْوَرَثَةُ مِنْ نَصِيبِهِمْ انْتَقَلَتْ) ؛ لِأَنَّ هَذَا عُذْرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَافِرَ الزَّوْجُ بِالْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ) .
وَقَالَ زُفَرُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ خَرَجَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ مُسَافِرٌ لِلْحَجِّ فَطَلَّقَهَا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَادَتْ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقْصِدِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلُّ؛ لِأَنَّهَا تَقْدِرُ أَنْ تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهَا مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ سَفَرٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَصَاعِدًا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقْصِدِهَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَمْضِي لِمَقْصِدِهَا؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ فِي عَوْدِهَا إلَى إنْشَاءِ سَفَرٍ، وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ السَّفَرِ وَلَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمُضِيِّ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرِهَا أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَقْصِدِهَا كَذَلِكَ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ بِمَحْرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنَّ الرُّجُوعَ أَوْلَى لِيَكُونَ الِاعْتِدَادُ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَفَرٌ وَهِيَ فِي الْمَفَازَةِ فَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ وَإِنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ كَانَ مَعَهَا مُحْرِمٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُكْثَ هُنَاكَ أَخْوَفُ عَلَيْهَا مِنْ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ إلَّا أَنَّ الرُّجُوعَ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ إذَا مَضَتْ وَبَلَغَتْ إلَى أَقْرَبِ بُقْعَةٍ فِيهَا الْأَمْنُ، وَهِيَ تَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ أَقَامَتْ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ يَصْلُحُ لِلْإِقَامَةِ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا مُحْرِمٌ أَوْ لَا ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا كَانَ مَعَهَا مُحْرِمٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ مَعَهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَتْ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْخُرُوجِ مُبَاحٌ دَفْعًا لِضَرَرِ الْغُرْبَةِ وَوَحْشَةِ الْوَحْدَةِ وَإِنَّمَا الْحُرْمَةُ لِلسَّفَرِ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ بِالْمُحْرِمِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي السَّفَرِ تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ فَإِذَا مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا انْقَطَعَ حُكْمُ سَفَرِهَا التَّابِعِ لَهُ وَصَارَ الْحُكْمُ يَتَعَلَّقُ بِنِيَّتِهَا فَخُرُوجُهَا إنْشَاءُ سَفَرٍ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ أَمْنَعُ لِلْخُرُوجِ مِنْ عَدَمِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ إلَى مَا دُونَ السَّفَرِ بِغَيْرِ مُحْرِمٍ وَلَيْسَ لِلْمُعْتَدَّةِ ذَلِكَ فَلِمَا حَرُمَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ إلَى السَّفَرِ بِغَيْرِ مُحْرِمٍ فَفِي الْعِدَّةِ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَعَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا تَمَامُ الْعِدَّةِ الْأُولَى) وَأَصْلُهُ أَنَّ الدُّخُولَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ دُخُولٌ فِي الثَّانِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ