فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَحَابَا فِيهِ قَلِيلًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مُحَابَاتُهُ، وَإِنْ قَلَّتْ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ إلَى تَمَامِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ. وَأَمَّا وَصِيَّتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا بَاعَ تَرِكَتَهُ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَحَابَى فِيهِ قَدْرَ مَا يُتَغَابَنُ فِيهِ صَحَّ بَيْعُهُ وَيُجْعَلُ عَفْوًا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ بَعْضِ وَرَثَتِهِ وَحَابَى فِيهِ، وَإِنْ قَلَّ لَا يُجْعَلُ عَفْوًا وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي فِي قَوْلِهِمَا. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ حَتَّى يُجِيزَ سَائِرُ وَرَثَتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مِنْهُمْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ جَازَ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ، وَلَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَحَابَاهُ فِيهِ قَلِيلًا لَا يَجُوزُ، وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَحَابَى فِيهِ قَلِيلًا وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ مَا لَمْ يَكُنْ خَيْرًا وَهُوَ الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَهُ مِنْ الْيَتِيمِ أَوْ اشْتَرَى فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ (وَاَلَّذِي لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ) ؛ لِأَنَّ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِهِمْ زِيَادَةٌ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَوِّمُهُ إنْسَانٌ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَحَقِّقَةً عُفِيَ عَنْهَا قَالَ الْخُجَنْدِيُّ الَّذِي يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ نِصْفُ الْعُشْرِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْعُشْرِ فَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، وَقَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى قَدْرُ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فِي الْعُرُوضِ ده نيم وَهُوَ نِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الْحَيَوَانِ ده يازده وَهُوَ الْعُشْرُ وَفِي الْعَقَارِ ده وازده وَهُوَ الْخُمُسُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ فِي الْعُرُوضِ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَفِي الْحَيَوَانِ فِي الْعَشَرَةِ دِرْهَمٌ، وَفِي الْعَقَارِ فِي الْعَشَرَةِ دِرْهَمَانِ وَمَا خَرَجَ مِنْ هَذَا فَهُوَ مِمَّا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ التَّصَرُّفَ يَكْثُرُ وُجُودُهُ فِي الْعُرُوضِ وَيَقِلُّ فِي الْعَقَارِ وَيَتَوَسَّطُ فِي الْحَيَوَانِ وَكَثْرَةُ الْغَبْنِ لِقِلَّةِ التَّصَرُّفِ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ عَنْ الْمُبْتَاعِ فَضَمَانُهُ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوَكِيلِ إذَا بَاعَ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا فِيمَا يَقْبِضُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَمْ يَجُزْ نَفْيُ مُوجَبِ الْقَبْضِ مِنْ كَوْنِهِ أَمِينًا فِيهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَى الْمُودَعِ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا هَذَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْآمِرُ احْتَالَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى أَنْ يُبَرِّئَ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بَاطِلَةً وَالْمَالُ عَلَى حَالِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي.

قَوْلُهُ (وَإِذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ نِصْفَهُ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) ، وَكَذَا إذَا بَاعَ جُزْءًا مِنْهُ مَعْلُومًا غَيْرَ النِّصْفِ مِثْلَ الثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ بَاعَ الْبَاقِي مِنْهُ أَوْ لَمْ يَبِعْهُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ عَنْ قَيْدِ الِافْتِرَاقِ وَالِاجْتِمَاعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْكُلَّ بِثَمَنِ النِّصْفِ جَازَ عِنْدَهُ فَإِذَا بَاعَ النِّصْفَ بِهِ أَوْلَى.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يَبِيعَ النِّصْفَ الْآخَرَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَصِمَا أَوْ يُجِيزَهُ الْآمِرُ، وَكَذَلِكَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَالْأَمَةِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ نِصْفَ مَا وَكَّلَ بِهِ وَلَيْسَ فِي تَفْرِيقِهِ ضَرَرٌ كَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ جَازَ إجْمَاعًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ) يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ أَجْزَائِهِ غَيْرَ النِّصْفِ فَهُوَ مِثْلُ النِّصْفِ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشِّرَاءَ يَتَحَقَّقُ فِيهِ التُّهْمَةُ فَلَعَلَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ لِنَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَنِصْفُ الْعَبْدِ لَيْسَ بِعَبْدٍ وَقَوْلُهُ فَالشِّرَاءُ مَوْقُوفٌ أَيْ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُوَكِّلُ نَفَذَ عِتْقُهُ وَيَكُونُ الْعِتْقُ إجَازَةً مِنْهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ الْوَكِيلُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِغَيْرِ الْإِذْنِ لَا يَتَوَقَّفُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْبَاقِي قَبْلَ الْعِتْقِ فَحِينَئِذٍ يَتَحَوَّلُ إلَى الْآمِرِ قَوْلُهُ (فَإِنْ اشْتَرَى بَاقِيَهُ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ) ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْبَعْضِ قَدْ يَقَعُ وَسِيلَةً إلَى الِامْتِثَالِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَيَحْتَاجُ إلَى شِرَائِهِ شِقْصًا شِقْصًا فَإِذَا اشْتَرَى الْبَاقِيَ قَبْلَ رَدِّ الْآمِرِ الْبَيْعَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ فَيَنْفُذُ عَلَى الْآمِرِ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إذَا اشْتَرَى بَاقِيَهُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ.

وَقَالَ زُفَرُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَإِذَا اخْتَصَمَ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ إلَى الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ الْبَاقِيَ وَأَلْزَمَهُ الْقَاضِي الْوَكِيلَ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ اشْتَرَى الْبَاقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَ الْوَكِيلَ إجْمَاعًا، وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ مَا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ فَإِنْ وَكَّلَهُ بِشِرَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ فَاشْتَرَى بَعْضَهُ لَزِمَ الْآمِرَ سَوَاءٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015