الْأَجَلُ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ) وَصُورَتُهُ إذَا أَقَرَّ بِفَرْضٍ، أَوْ غَصْبٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَسَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْخِيَارِ، أَوْ كَذَّبَهُ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْفَسْخِ، وَالْإِقْرَارَ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِدَارٍ وَاسْتَثْنَى بِنَاءَهَا لِنَفْسِهِ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ الدَّارُ، وَالْبِنَاءُ) لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَرَفَ بِالدَّارِ دَخَلَ الْبِنَاءُ تَبَعًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي، وَالْعَرْصَةُ لِفُلَانٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ) لِأَنَّ الْعَرْصَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبُقْعَةِ دُونَ الْبِنَاءِ وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ لَا يَصِحُّ إفْرَازُهُ مِنْ الدَّارِ، وَإِنْ قَالَ: بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي، وَالْأَرْضُ لِفُلَانٍ يَكُونُ الْكُلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ وَيَكُونُ الْإِقْرَارُ بِالْأَرْضِ إقْرَارًا بِالْبِنَاءِ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّارِ.
. (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَهُ التَّمْرُ، وَالْقَوْصَرَّةُ) هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَضَافَ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى فِعْلٍ بِأَنْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَهُ التَّمْرُ، وَالْقَوْصَرَّةُ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى فِعْلٍ بَلْ ذَكَرَهُ ابْتِدَاءً فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ تَمْرٌ فِي قَوْصَرَّةٍ فَعَلَيْهِ التَّمْرُ دُونَ الْقَوْصَرَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلٌ، وَالْقَوْلَ يَتَمَيَّزُ بِهِ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْت لَهُ زَعْفَرَانًا فِي سَلَّةٍ وَكَذَا إذَا قَالَ: غَصَبْته طَعَامًا فِي جَوْلَقٍ لَزِمَاهُ جَمِيعًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ غَصَبْته تَمْرًا مِنْ قَوْصَرَّةٍ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " مِنْ " لِلِانْتِزَاعِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِغَصْبِ الْمَنْزُوعِ، وَالْقَوْصَرَّةُ تُرْوَى بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَهِيَ وِعَاءٌ لِتَمْرٍ مُتَّخَذٌ مِنْ قَصَبٍ بَرِّيٍّ، وَإِنَّمَا تُسَمَّى قَوْصَرَّةً مَا دَامَ فِيهَا التَّمْرُ، وَإِلَّا فَهِيَ زِنْبِيلٌ قَالَ الشَّاعِرُ
أَفْلَحَ مَنْ كَانَتْ لَهُ قَوْصَرَّهْ ... يَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّهْ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِدَابَّةٍ فِي إصْطَبْلٍ لَزِمَهُ الدَّابَّةُ خَاصَّةً) لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْغَصْبُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَكَذَا إذَا قَالَ غَصَبْته مِائَةَ كُرٍّ حِنْطَةً فِي بَيْتٍ لَزِمَهُ الْحِنْطَةُ دُونَ الْبَيْتِ فِي قَوْلِهِمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَلْزَمُهُ الْبَيْتُ، وَالْحِنْطَةُ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ غَصَبْته ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ لَزِمَاهُ جَمِيعًا) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمِنْدِيلَ ظَرْفًا لَهُ وَهُوَ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى أَخْذِ الثَّوْبِ إلَّا بِالْإِيقَاعِ فِي الْمِنْدِيلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ فِي ثَوْبٍ لَزِمَاهُ جَمِيعًا) لِأَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ وَهَذَا إذَا قَالَ: غَصَبْته أَمَّا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْغَصْبَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ ظَرْفًا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ) لِأَنَّ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي الْعَادَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: غَصَبْته ثَوْبًا فِي دِرْهَمٍ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا) لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُلَفَّ الثَّوْبُ النَّفِيسُ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ إنَّ حَرْفَ " فِي " قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْبَيْنِ، وَالْوَسْطِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29] أَيْ بَيْنَ عِبَادِي فَوَقَعَ الشَّكُّ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَمِ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ ثَوْبٍ وَجَاءَ بِثَوْبٍ مَعِيبٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَخْتَصُّ بِالسَّلِيمِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ وَقَالَ: هِيَ زُيُوفٌ) فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَصَلَ، أَوْ فَصَلَ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهَا غَصْبٌ وَلَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ إلَى ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ وَقِيلَ إنْ وَصَلَ صُدِّقَ، وَإِنْ فَصَلَ لَمْ يُصَدَّقْ أَمَّا إذَا نَسَبَ ذَلِكَ إلَى بَيْعٍ، أَوْ قَرْضٍ لَمْ يُصَدَّقْ