لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا جَازَ فِي الْعَبْدِ وَالذَّكِيَّةِ وَبَطَلَ فِي الْحُرِّ، وَالْمَيِّتَةِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا فَكَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ، أَوْ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ صَحَّ فِي الْعَبْدِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ) وَبَطَلَ فِي الْآخَرِ وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ.
وَقَالَ زُفَرُ يَفْسُدُ فِيمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ لَا يَجُوزُ فَصَارَ كَالْحُرِّ وَلَنَا أَنَّ الْمُدَبَّرَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْعَقْدِ وَتَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِهِ، وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ مِثْلُ الْمُدَبَّرِ إذَا ضُمَّ إلَى الْعَبْدِ الْقِنِّ، وَإِذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ، أَوْ وُجِدَ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. قَوْلُهُ:.
«وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّجْشِ وَعَنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» ) النَّجْشُ بِفَتْحَتَيْنِ وَيُرْوَى بِالسُّكُونِ أَيْضًا وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَا رَغْبَةَ لَهُ فِيهِ وَلَكِنَّهُ يَحْمِلُ الرَّاغِبَ عَلَى أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ وَهَذَا النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَلَبَهُ الْمُشْتَرِي بِمِثْلِ قِيمَتِهِ، أَوْ أَكْثَرَ أَمَّا إذَا طَلَبَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَ فِي ثَمَنِهِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ قِيمَةَ الْمَبِيعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَغْبَةٌ فِيهِ، وَأَمَّا السَّوْمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ فَهُوَ أَنْ يَتَسَاوَمَ الرَّجُلَانِ فِي السِّلْعَةِ وَيَطْمَئِنَّ قَلْبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا سَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْعَقْدُ فَعَارَضَهُ شَخْصٌ آخَرُ فَاشْتَرَاهُ أَمَّا إذَا كَانَ قَلْبُ الْبَائِعِ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ بِمَا سَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يَجْنَحْ إلَيْهِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ تَلَقِّي الْجَلَبِ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي) وَصُورَةُ تَلَقِّي الْجَلَبِ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ؛ إذْ سَمِعَ بِمَجِيءِ قَافِلَةٍ مَعَهُمْ طَعَامٌ وَأَهْلُ الْمِصْرِ فِي قَحْطٍ وَغَلَاءٍ فَيَخْرُجُ يَتَلَقَّاهُمْ وَيَشْتَرِي مِنْهُمْ جَمِيعَ طَعَامِهِمْ وَيَدْخُلُ بِهِ الْمِصْرَ وَيَبِيعُهُ عَلَى مَا يُرِيدُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ تَرَكَهُمْ حَتَّى دَخَلُوا بَاعُوا عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ مُتَفَرِّقًا تَوَسَّعَ أَهْلُ الْمِصْرِ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَهْلُ الْمِصْرِ لَا يَتَضَرَّرُونَ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صُورَتُهُ أَنْ يَتَلَقَّاهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ فَيَشْتَرِيَ مِنْهُمْ بِأَرْخَصَ مِنْ سِعْرِ الْمِصْرِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِسِعْرِ أَهْلِ الْمِصْرِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ فِي الْحُكْمِ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُمْ سَوَاءٌ تَضَرَّرَ بِهِ أَهْلُ الْمِصْرِ، أَوْ لَا، وَأَمَّا بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي فَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَصَلَ الْجَالِبُ بِالطَّعَامِ لَقِيَهُ الْحَاضِرُ وَقَالَ لَهُ: سَلِّمْ إلَيَّ طَعَامَك لَا تَوَثُّقَ لَك فِي بَيْعِهِ فَيَتَوَفَّرُ عَلَيْك ثَمَنُهُ وَقِيلَ مَعْنَى بَيْعِ الْحَاضِرِ مِنْ الْبَادِي وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ إذَا كَانَ لَهُ طَعَامٌ، أَوْ عَلَفٌ، أَوْ أَهْلُ الْمِصْرِ فِي قَحْطٍ وَهُوَ لَا يَبِيعُهُ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ وَلَكِنَّهُ يَبِيعُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ بِثَمَنٍ غَالٍ فَهَذَا مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَهْلُ الْمِصْرِ فِي سَعَةٍ وَلَا يَتَضَرَّرُونَ بِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ الْبَيْعِ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ) يَعْنِي الْأَذَانَ الْأَوَّلَ بَعْدَ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ ذَلِكَ يُكْرَهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِهِ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ النَّجْشِ إلَى هُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ) حَتَّى إنَّهُ يَجِبُ الثَّمَنُ دُونَ الْقِيمَةِ وَيَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ قَبْلَ الْقَبْضِ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ مَلَكَ مَمْلُوكَيْنِ صَغِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَبِيرًا، وَالْآخَرُ صَغِيرًا)