كَانَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدَيْنِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِي الْخَامِسِ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا جَارِيَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ مَعًا كَانَ وَلَدُهُمَا وَالْجَارِيَةُ أَوْ وَلَدٌ لَهُمَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِطْرَةُ الْجَارِيَةِ إجْمَاعًا وَتَجِبُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْوَلَدِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِطْرَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَتَبَعَّضُ فَهُوَ ابْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ وَلِهَذَا يَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا فِطْرَةٌ وَاحِدَةٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا مُؤْنَةٌ كَالنَّفَقَةِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَعْسَرَ فَهِيَ عَلَى الْآخَرِ بِتَمَامِهَا.
(قَوْلُهُ وَيُؤَدِّي الْمُسْلِمُ الْفِطْرَةَ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ) لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ وَالْمَوْلَى مِنْ أَهْلِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ فَلَا وُجُوبَ أَيْ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَالْمَوْلَى كَافِرًا لِأَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.
(قَوْلُهُ وَالْفِطْرَةُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجْزِي مِنْ الْبُرِّ إلَّا صَاعٌ كَامِلٌ وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ وَسَوِيقُهَا مِثْلُهَا فِي الْجَوَازِ يَجْزِي مِنْهَا نِصْفُ صَاعٍ وَكَذَا دَقِيقُ الشَّعِيرِ وَسَوِيقُهُ مِثْلُهُ لَا يَجْزِي مِنْهُ إلَّا صَاعٌ كَامِلٌ وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجْزِي مِنْهُ نِصْفُ صَاعٍ لِأَنَّ الْبُرَّ وَالزَّبِيبَ مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ بِخِلَافِ الشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ فَإِنَّهُ يُلْقَى مِنْهُمَا النَّوَى وَالنُّخَالَةُ وَبِهَذَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ فِي الزَّبِيبِ إلَّا صَاعٌ كَامِلٌ كَالشَّعِيرِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُعْتَبَرُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَزْنًا رَوَى ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ كَيْلًا ثُمَّ الدَّقِيقُ أَوْلَى مِنْ الْبُرِّ وَالدَّرَاهِمُ أَوْلَى مِنْ الدَّقِيقِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ تَفْضِيلُ الْحِنْطَةِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ الدَّقِيقُ وَلَا السَّوِيقُ وَلَا الدَّرَاهِمُ وَعِنْدَنَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ الْقِيمَةَ دَرَاهِمَ وَفُلُوسًا وَعُرُوضًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَغْنُوهُمْ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ» وَلِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الدَّقِيقَ فَقَدْ أَسْقَطَ عَنْهُمْ الْمُؤْنَةَ وَعَجَّلَ لَهُمْ الْمَنْفَعَةَ وَمَا سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْحُبُوبِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْقِيمَةِ فَإِنْ قُلْت فَمَا الْأَفْضَلُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ أَوْ عَيْنِ الْمَنْصُوصِ قُلْت ذُكِرَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ أَدَاءَ الْقِيمَةِ أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِحَاجَةِ الْفَقِيرِ وَقِيلَ الْمَنْصُوصُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الْخِلَافِ وَأَمَّا الْخُبْزُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ احْتَرَزَ بِالصَّحِيحِ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إذَا أَدَّى مَنَوَيْنِ مِنْ خُبْزِ الْحِنْطَةِ يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ مِنْ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ فَمِنْ الْخُبْزِ أَجْوَزُ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ لَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ حَتَّى لَوْ أَدَّى نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ هُنَا إبْطَالَ التَّقْدِيرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ (قَوْلُهُ وَالصَّاعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ) بِالْعِرَاقِيِّ أَيْضًا قَالَ الصَّيْرَفِيُّ الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَزْبُدٍ بِزَبَدِيِّ زُبَيْدٍ السُّنْقُرِيِّ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ زُبْدِيَّانِ وَنِصْفٌ بِالسُّنْقُرِيِّ.
(قَوْلُهُ وَوُجُوبُ الْفِطْرَةِ يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ)