قال ابن قاضى شُهبة: وبعد الفتنة انقطع عن الناس، وتردَّد إليه الحنابلة وعظَّموه لمبالغته فى إطراء ابن تَيْمِيَّة واعتقاد ما كان يعتقده، وصارَ يعملُ يومَ الجُمُعة ومعه جماعة من أتباعهِ، ويجتمع الناس إليه عند بابَ المقصورة الشَّمالى، وعنده تَزَهُّدٌ كثيرٌ قال: لكن عليه نور، ولا يقبل هذا القول منه بل كان عليه غايةُ النُّورِ، وإنما حمله على ذلك الضغائن التى فى قلبه، قال: وقال لى قاضى القضَاة نجم الدينٍ بن حِجّى: كنت أحضر بالجامع أتأمل الناس فما رأيت أشدُّ خشوعًا من المذكور (1 ولا أجرم منه، ووالله لقد كنا والهما أجرم منه 1)، قال: وفى آخر عمره انقطع عن النزول إلى الجامع وحصَّل كتبا كثيرة حصل له ابن أخيه، وكان لا يحلق رأسه فلقب بـ "ـأبي شعر"، قال (2: كنتُ ممن يكرهه فى الله - ووالله وأنا لا أكرهه فيه حيث كرهه - ولما ينقل عندى من الأخبار الرديئة من أكثر أن يُحصى 2) فيالله العجب كيف يتكلّمُ الخائض لجج الحرام فى العفيف المتعفّف؟

وله أخبارٌ وحكايات مشهورة لا يتسع هذا المكان لحصرها. توفى - رحمه الله - فى شوال سنة خمسين وثمانمائة ودفن بالسفح عن نحو من خمسٍ وستّين سنة - رحمه الله تعالى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015