أحد من ذوى الولايات ويسكنُ بمدرسة السُّكَرِية (?) بالقصّاعين، وولى تدريس الحنبلية وكان فقيرًا متعففاً غَنى النَّفس وحج، وبالجملة فلم يُخلفٌ بعده مثله. وقال غيره:
سمع من خلق روايةَ الآثارِ، وكان أحد أئمة الحفَّاظ الكبار والعلماء الزُهاد والأخيار. وَلِيَ حلقة الثلاثاء بعد وفاته ابن قاضى الجَبَل في رجب سنة إحدى وتسعين، ودرس بالحنبلية بعد وفاة القاضي شمس الدين بن التَّقى ثم أخذ منه وكان لا يعرفُ شيئًا من أمورِ الدُّنيا، فارغاً عن الرئاسة، ليس له شغلٌ إلاّ الاشتغالِ بالعلم، وكتَبَ قطعةً كبيرةً من شرح البُخاريّ إلى الجنائز سماه: "فَتحَ الباري في شرح البُخاريّ"، وقد احترق غالب ما عمله من (?) شرح التِّرمذيُّ في الفتنة، وله "اللّطائف" كتابٌ [جيّد]، و "ذَيْل طَبقات الحنابِلة"، و "صِفةُ الجنّة وصفةُ النّار"، وغير ذلك من المصنفات الكبار والصغار. [قلت:] المصنفات المفيدة الكثيرة، منها كتاب "طبقات أصحاب الِإمام أحمد" جعله ذيلا على طبقات [القاضي] أبي الحسين، وكتاب "القواعد الفقهية"، مجلدٌ كبيرٌ، وهو كتاب نافعٌ من عجائبِ الدهرِ حتَّى أنه استُكثِرَ عليه، حتَّى زَعم بعضُهم أنه وَجَدَ قواعدَ مبدّدة لشيخ الِإسلام ابن تَيمِية فجمعها، وليس الأمر كذلك، بل كان رحمه الله تعالى فوق ذلك، ومنها كتاب "شرح النواوية" مجلد كبير، وهو كتاب جليل