بينما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يخطب الناس على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: "أيها الناس، أفيكم سواد بن قارب؟ " فلم يجبه أحد تلك السنة، فلما كانت السنة المقبلة قال: "أيها الناس، أفيكم سواد بن قارب؟ " قال الراوي: فقلت: يا أمير المؤمنين، وما سواد بن قارب؟ ، فقال له عمر - رضي الله عنه -: "عن سواد بن قارب كان بدء إسلامه شيئا" قال الراوي: فبينا نحن كذلك إذ طلع سواد بن قارب، فقال له عمر: "يا سواد حدثنا ببدء إسلامك، كيف كان؟ " قال سواد: "فإني كنت نازلا بالهند، وكان لي رئي من الجن، فبينا أنا ذات ليلة نائم، إذ جاء في منامي ذلك فقال: قم فافهم واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب، ثم أنشأ يقول":
عجبت للجن وأنجاسها ... وشدها العيس بأحلاسها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمنو الجن كأرجاسها
قال: ثم أنبهني فأفزعني، وقال: سواد بن قارب، إن الله بعث نبيا فأنهض إليه تهتد وترشد.
فلما كان من الليلة الثانية أتاني فأنبهني، ثم أنشأ يقول كذلك:
عجبت للجن وتطلابها ... وشدها العيس بأقتابها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ليس قدامها كأذنابها
فانهض إلى الصفوة من هاشم ... واسم بعينيك إلى نابها
فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني، ثم قال:
عجبت للجن وتخبارها ... وشدها العيس بأكوارها
تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ليس ذوو الشر كأخيارها
فانهض إلى الصفوة من هاشم ... ما مؤمنو الجن ككفارها (?).
قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: قال: "ما سمعت عمر، لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس، إذ مر به رجل جميل، فقال: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو: لقد كان كاهنهم، عليَّ الرجل،