لفت نظري منذ سنين عديدة تكرر نسب بعض الرواة هكذا: الزهراني، الدوسي، العتكي، الأزدي، فقررت تدوين ما أقف عليه أثناء البحث، على أمل الكتابة فيه لاحقا، فجمعت قدرا مشجعا على الكتابة، ولكن سمعت من بعض الزملاء أثناء المذاكرة في أبواب من العلم أن من أبناء القبيلة من هو معني بهذا الأمر، فقلت: كفيتُ الأمر، ولا داعي لتكرار الجهد، غير أني توقعت أن الأمر ليس من السهولة بمكان أن يكتب فيه بدقة لا كمال فيها، لكنها تتسم بعناية يقصر عنها عمل المستعجل مثلي، فقلت لأخٍ عزيز أثناء الحوار حول من تصدر للأمر: إن الأمر ليس سهلا، فالأنساب تحتاج إلى دقة، وأتوقع الخلط بين المنتسب والحليف "المولى" هذا من جانب، ومن جانب آخر هل زهران المنتسب إليه واحد، أو: أكثر من شخص؟ ، فضحك زميلي عاليا، وعرفت في ضحكته شيئا من السخرية مما ذكرت، وقال: أما الموالي فهم يعدون في الأنساب؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مولى القوم منهم» (?)، وأما زهران المنتسب إليه فواحد لا غير، فقلت: نعم صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن المراد أن لهم العزة والكرامة، على خلاف في أخذ الصدقة لموالي بني هاشم، وأبعد من ذلك أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي على العصبية، ودعوى الجاهلية في المواقف، أما الأنساب فالعربي عربي، والرومي رومي، والفارسي فارسي وهكذا، ألا ترى علماء النسب يذكرون قيد الولاء، فيقولون: "مولاهم" أو من أنفسهم، وهذا تحقيق لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (?)، وأما زهران فإن سبقتني أنت أو غيرك إلى البحث فإنك ستجد توقعي حقيقة تكد ذهنك أمامها لتجد حلا، وهكذا مرت السنون تترى حتى جاوزت العشرين سنة، وتفرغت من العمل في الجامعة، وازدادت حاجتي للأنيس، فقررت معاودت البحث علِّي أجد فيه حلا، وإلا فلن أخسر الوقت في معاشرة عشرات الألوف من الرواة رحمني الله وإياهم، ومن يقرأ كتابي هذا، وجميع المسلمين،