كالسّحر يفرّق بين المرء وأبيه، وبين الرجل وأخيه، وبين الرجل وزوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما دخل علينا فلا تكلّمه ولا تسمع منه".
قال: "فواللَّه ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلّمه، وحتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا، فرقا من أن يبلغني شيء من قوله، فغدوت إلى المسجد فإذا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة، فقمت قريبا منه، فأبى اللَّه تعالى إلا أن يسمعني بعض قوله، فسمعت كلاما حسنا، فقلت في نفسي: إني لرجل لبيب شاعر، ما يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلت، وإن كان قبيحا تركت؟ فمكثت حتى انصرف رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فتبعته، فقلت: "إنّ قومك قد قالوا لي كذا وكذا، وإني شاعر فاسمع ما أقول".
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هات» فأنشدته.
فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «وأنا أقول فاسمع». ثم قرأ: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إلى آخرها و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إلى آخرها {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} إلى آخرها، وعرض عليّ الإسلام، فلا واللَّه ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت وقلت: "يا نبي اللَّه، إني امرء مطاع في قومي، وإني راجع إليهم فداعيهم إلى الإسلام، فادع اللَّه أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم، فقال: «اللهم اجعل له آية» فخرجت إلى قومي في ليلة مطيرة ظلماء، حتى إذا كنت بثنيّة (?) تطلعني على الحاضر (?) وقع نور بين عيني مثل المصباح، فقلت: اللهم في غير وجهي، إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي، فتحوّل فوقع في رأس سوطي كالقنديل المعلّق، وأنا أهبط عليهم من الثنيّة حتى جئتهم، فلما نزلت أتاني أبي فقلت: إليك عني يا أبت فلست مني ولست منك، فقال: لم يا بني؟ ، فقلت: قد أسلمت وتابعت دين محمد، أي بنيّ فديني دينك، فقلت: اذهب فاغتسل وطهّر ثيابك ففعل ثم جاء، فعرضت عليه الإسلام فأسلم، ثم أتتني