وتهادت تصانيفه رحمه اللَّه الملوك بسؤال علمائهم لهم في ذلك، حتى ورد كتاب في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة من شاه رخ ملك المشرق يستدعي من السلطان الأشرف برسباي هدايا، ومن جُملتها كتب في العلم، منها "فتح الباري بشرح البخاري"، فجهَّز له صاحب الترجمة ثلاث مجلدات من أوائله، ثم أعاد طلبه في سنة تسع وثلاثين، ولم يتَّفق أنَّ الكتاب كمُل، فأرسل إليه أيضًا قطعة أخرى. وكان ذلك أولًا بعناية العلامة شمس الدين الجزري، ثم في زمن الظاهر جقمق جُهِّزت له نسخة كاملة.
وكذا وقع لسلطان المغرب أبي فارس عبد العزيز الحفصي، فإنه -بعناية الإمام المتقن زين الدين عبد الرحمن البِرِشُكي- أرسل يستدعيه، فجهز له ما كمُلَ من الكتاب حينئذٍ، وهو قدر الثلثين منه، وكان -أعني أبا فارس- بواسطة المذكور يُجهّز لكتبة "الشرح" ولجماعة مجلس الإملاء ذهبًا يفرَّق عليهم بحسب مراتبهم، التماسًا للثواب، تقبَّل اللَّه منه ذلك.
وكان سب ترغيب ملوك الأطراف في تحصيله، اشتهار "مقدمته"، فصار من يعرفُ فصولَها، يتشوّق إلى الأصل (?).
وقد وقع لي مِنْ أعيان مَنْ كتب منها بخطه، أو اعتنى بتحصيلها جماعة، فمنهم: المحدث أبو إسحاق أحمد بن أحمد بن درباس، كتب بخطه منها أشياء وقفتُ على بعضها، والشيخ المحدث المصنف الشهاب أحمد بن أبي بكر البوصيري، كتب بخطه "لسان الميزان"، و"تلخيص المدرج" و"زوائد البزار" التي لخَّصها شيخنا مِنْ كتاب الهيثمي، وغير ذلك. ووصفه في بعضها بشيخنا ومفيدنا ومخرّجنا. والعلامة شهاب الدين أحمد بن حجِّي الحسباني، حصل نسخة بتغليق التعليق، والشيخ الفقيه