الباب الخامس
وكان ابتداؤه في التصنيف في حدود سنة ست وتسعين وسبعمائة، فمن تصانيفه ما كمل قبل الممات، ومنها ما بقي في المسوَّدات، ومنها ما شرع فيه، فكاد، ومنها ما شطر، ومنها ما صَلُحَ أنْ يدخُل تحت الإعداد. وهذا إيرادها على ترتيب اخترتُه، وتقريبٍ ابتكرتُه، وقد جمع هو أسماء معظمها في كراسة افتتحها على سبيل التَّواضع والهضم لنفسه بقوله: وأكثر ذلك -يعني تصانيفه- مما لا يساوي نُسخةً لغيره، لكن جرى القلمُ بذلك.
قلت: وقد سمعتُه يقول: لستُ راضيًا عَنْ شيءٍ منْ تصانيفي، لأني عملتها في ابتداء الأمر، ثم لم يتهيَّأ لي مَنْ يحرِّرُها معي، سوى "شرح البخاري"، و"مقدمته"، و"المشتبه"، و"التهذيب"، و"لسان الميزان". بل كان يقول فيه: لو استقبلتُ مِنْ أمري ما استدبرتُ، لم أتقيد بالذَّهبي، ولجعلته كتابًا مبتكرًا، بل رأيته في موضع أثنى على "شرح البخاري" و"التغليق" و"النُّخبة"، ئم قال: وأمَّا سائر المجموعات، فهي كثيرةُ العدد، واهية العُدَد، ضعيفةُ القُوى، ظامئة الرُّوى، ولكنها كما قال بعضُ الحفَّاظ مِنْ أهل المائة الخامسة:
وما لي فيه سوى أنَّني ... أراه هوى وافق المقصدا
وأرجو الثواب بكتب الصلا ... ة على السَّيِّد المصطفى أحمدا
قلت: وهذا الحافظُ المبهم هو أبو بكر البرقاني، وأولهما: