غضب العزيز الجبار، وأنه لا يوجد في أُجرة اليمين ولا الدرهم الواحد، وفي الثبوت والعقود لا يتعدى القدر الزَّائد، وأن يخشى البلس، ويجمع بإقامة العدل قلوبَ الناس، ومن لم يفعل منهم، يُخف إثقاله عنَّا خوفًا للمؤاخذة مِنَ اللَّه، ثمَّ منا، فإنَّا عنه وعن غيره نُسأل، وكأننا بطالب لا يغفل، ومَنْ خالف شيئًا مِما نهيناه، كان معزولًا مِنْ جميع ما ولَّيناه، ونؤكد في ذلك كلِّه غاية التَّأكيد، بحيث لا يكون على ما ذكر من مزيد.
ورُفِعَتْ له -رحمه اللَّه- قائمة فيها ذكرُ خصائل بعض النُّواب بنواحي الغربية، فكتب: من يثبُتُ عليه خصلة مِنْ هذه الخصال المذكورة والوقائع الشَّنيعة المشهورة، حقيقٌ بالطرد والبعاد، وأن تُراح منه البلادُ والعبادُ، لجوره في الأحكام، ومخالفته شريعة النبي علبه أفضل الصلاة والسلام، ولم يستحق الولاية ولا التوقير، بل العزل والتَّعزير، والزيادة على ذلك العزل المخلَّد والتعزير المجدّد، فإن تاب ورجع، قُبِلت توبتُه، وإلَّا حلَّت عليه مِنَ اللَّه تعالى نقمته، وما يتذكر إلَّا أولو الألباب، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
وكان ينبِّه مَنْ يعلم اتِّصافَه بصفةٍ ذميمة بها، رجاءَ رجوعه عنها، كقوله لبعض مَنْ سأله الاستمرار في النِّيابة عنه: حتى يتوب مِنْ شهادة الزور، ولبعض من سأله في ابتكار ولايته حتى تتوب من كذا. . كلُّ ذلك قصدًا لزجر مرتكبه، إلى غير ذلك.
وكانوا يكلفونه مرة للتَّعيين عليهم، ومرَّة للدُّعاء لهم، ومرة لمشيختهم، وعندي مِنْ أخبارهم في ذلك جملةٌ لا أحبُّ إثبات شيءٍ منها، وهم على طبقات: الأولى: من لم يباشر (?) في الأيام العلمية، وعكسه مَنْ يمتنع صاحب الترجمة مِنْ ولايته، ومن يُعين عليه غالبًا، ومَنْ لا يُعين عليه إلا نادرًا، ومَنْ يقتصر على الاسم ولا يتعاطى الأحكام إلَّا نادرًا، واللَّه تعالى يتجاوز عنه بسببهم، ويغفرُ لهم أجمعين.