وولي في حياته عدَّة وظائف، أجلُّها مشيخةُ الخانقاه البَيْبَرسية، وتدريس الحديث بالحسينية (?)، ناب عنه فيهما والدُه. والإمامةُ بجامع طولون، وغير ذلك.

وكان حَسَنَ الشّكالة، متكرِّمًا على عياله، قل أن يكون في معناه مِنْ نظرائِه مثله.

ولما مات والده، ما التفت لشيءٍ مِنْ وظائفه، حتى ولا ما يصلُح أن يكونَ باسمه، كالخَطَابَة بجامع عمرو، والخَزْن لكتب المحمودية، والمرتب بالجوالي، ونحو ذلك. نعم، جُهِّزَتْ له مربعة ببعض جوالي أبيه، فأباها.

وأمضى أكثرَ ما أوصى به والدُه مِنَ الصَّدقات ونحوها، وهو قدر كبير، بحيث قضى النَّاس العجبَ مِنْ ذلك، لكنه -عفا اللَّه عنه- ضيَّع ما كان الأولى به الحرص على بقائِه مِنْ تصانيفِ أبيه وغيرها ممَّا كتبه بخطِّه، ونقل أكثر ذلك لناظر الخاصِّ الجمال يوسف ابن كاتب جكم كما تقدَّم قريبًا وتفرقت شذرًا مذرًا مِنْ غير مُقابل في ذلك، بحيث لم يحصُل الانتفاع ممَّا لم يُبَيَّض في حياته إلا بما أعملت (?) الفكر في تحصيله منه بخطِّي، وهو شيء كثيرٌ، فللَّه الحمدُ.

وقد رأيت بخطِّ ابن أُخته هجوًا فيه، واستغفرُ اللَّه مِنْ حكايته:

قولُوا لخالي الَّذي قَدْ كُنْتُ راجيهِ ... عِنْدَ الشَّدائِدِ في تَقْديمِ إخلالي

ضيَّعت كُتبًا بلا حقٍّ خَسِرْتَ بها ... دُنْيا وأُخْرَى فَقَد آذيْتَ يَا خَالي

وأيضًا:

قولُوا لخالٍ قد غَدا خَالِيا ... مِنْ عَقلِهِ والعِلْمِ والمَالِ

أخْلَيْتَ دَار الخَيرِ مِنْ كُتبِها ... وَيْحَكَ مُذْ أدْعُوكَ يَا خالِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015