زوجة شيخنا في الآخرة. ومن الاتفاقيات الغريبة أنَّ عمَّ والدها البدرَ حسن كان جوادًا، كثير المكارم، وركبه بسببِ ذلك دَيْنٌ كثير، وهو لا يترك عادته في العطايا والجود لحُسْنِ ظنِّه باللَّه تعالى، فاتفق أنْ ماتت زوجتُه، وتركت مالًا جزيلًا، فورثها، ثم مات عقبها، فوفَّى ميراثه منها بديونه طبقًا بطبق، ولم يورث شيئًا.
ونحوه ما اتَّفق لابن أخيه كريم الدين عبد الكريم والد المترجمة لما مات، لم يخلف إلا ستمائة درهم، أخرج بها مع ثياب يسيرة وأثاث قليل. وقريب منه ما اتفق لهذه كما أسلفته.
ولم تخلف -كما أسلفتُ- مِنْ بنيها أحدًا. بلى خلفت سبطها الجمال أبا المحاسن يوسف بن شاهين الكركي (?). ومولده -كما قرأتُه بخطِّ جدِّه صاحبُ التَّرجمة- في ليلة الإثنين عند صلاة العشاء ثامن ربيع الأول سنة ثمان وعشرين وثمان مائة، ونشأ عزيزًا مكرمًا في حجر جدَّيه، واستُجيز له غير واحد مِنْ المسندين، منهم الكمال بن خير، وسمع على جدِّه كثيرًا، بل أسمعه بقراءته (?) على تِجار البالسيَّة جزءًا، وسمع على غيره يسيرًا.
وكان بزيِّ أبناء الجُند، حتى في المذهب، فأُشيرَ عليه بالتزييِّ بالفقهاء وبالانتماء للشَّافعيَّة، وقُرِّر في نظر المنكوتمرية، لكونه أرشدَ الموجودين مِنْ ذرِّيَّة الواقف، وقرأ حينئذٍ على البُرهان بن خضر والبدر بن القطان يسيرًا، وقرأ على جدّه -فيما شاهدناه- "التقريب" وغيره، وكتب عنه في "الأمالي"، وقابل عليه أشياءَ مِنْ تصانيفه. وقرأ عليها "البخاري" و"النُّخبة" داخل البيت.