شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} 1.
وغير ذلك من الآيات الدالات على تحقق أنهم يقرون بهذا كله، وأنه لم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعرفت2 أن التوحيد الذي جحدوه، وهو توحيد العبادة الذي يسميه المشركون في زماننا الاعتقاد، كما كانوا يدعون الله -سبحانه وتعالى- ليلا ونهارا خوفا وطمعا. ثم منهم من يدعو الملائكة والأنبياء والصالحين لأجل صلاحهم وقربهم من الله عز وجل ليشفعوا لهم، ويدعو رجلا صالحا مثل اللات، أو نبيا مثل عيسى، وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم على ذلك، ودعاهم إلى إخلاص العبادة لله كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 3. وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} 4 الآية.
وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليكون الدين كله لله، والدعاء كله لله، والذبح كله لله، والنذر كله لله، والاستغاثة كلها بالله، وجميع أنواع العبادات كلها لله، وعرفت أن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يُدْخِلهم في الإسلام، وأن قصدهم الملائكة والأنبياء والأولياء يريدون شفاعتهم والتقرب لله بذلك هو الذي أحل دماءهم وأموالهم، عرفت5 حينئذ التوحيد الذي دعت إليه الرسل وأبى عن الإقرار به المشركون.
وهذا التوحيد هو معنى قولك: لا إله إلا الله، فإن الإله عندهم هو الذي يُقْصَد لأجل هذه الأمور سواء كان ملكا أو نبيا، أو وليا أو شجرة، أو قبرا أو جنيا، لم يريدوا أن الإله هو: الخالق الرازق المدبر، فإنهم يقرون أن ذلك لله